“دار راسي” و”افتر مخي” وأنا أقلب صفحات الاتحاد الاقتصادي مرات ومرات، وقراءة إحصائيات “التنمية الاقتصادية بأبوظبي” التي نشرت أمس، وإحصائيات “مركز الإحصاء” التي نشرت يوم الرابع من أبريل. وما بين الإحصائيتين ولغة الأرقام التي أكرهها كنت أدور بقلمي الأحمر وأخطط وأقرأ السطور وما اختفى بين الكلمات، مركز الإحصاء الذي أعلن أن عدد المواطنين ارتفع 11.4? خلال 4 سنوات، قال أيضا إن 42.6 من المواطنين الإماراتيين يعيشون في إمارة أبوظبي أي ما يقارب نصف مواطني الإمارات، منهم 204 آلاف مواطن ذكور و200 ألف إناث. بينما قالت دراسة التنمية الاقتصادية في أبوظبي إن نسبة الذكور المواطنين 46.7? والنساء 53.3? بين الإحصائيتين فرق واضح في الأعداد والنسب، في إحصائية مركز الإحصاء تفوق الذكور على الإناث، وفي الأخرى تفوقت الإناث بنسبة تقارب 10% على الرجال، فأيهما أصح وأيهما أدق؟! جاء في دراسة التنمية الاقتصادية أيضا أن 80% من الأسر المواطنة تعيش في بيوت وفلل مملوكة لها أو حكومية و20% فقط مستأجرون، بالطبع لم تفرد الإحصائية بنداً لمن تكتظ بهم البيوت الشعبية، ولم يكن في الدراسة سؤال بعبارة (كم ملحقاً عائلياً في البيت الشعبي؟!). من يقرأ هذه الدراسات يتساءل على أي بيوت مرت وكيف تم إحصاء المواطنين فيها، كيف خرجت الدراسات بأرقام كبيرة عن مواطنين يغيرون سياراتهم بصفة مستمرة وينفقون مبالغ كبيرة على هواتفهم دون أن تمر على بيوت تكتظ بالعائلات الممتدة ويقوم فيها الشاب ببناء ملحق إضافي وتصغير حجم مطبخ أمه ومجلس والده كي يحظى “بعش الزوجية” . أكثر ما أثار أسفي وأنا أقرأ الإحصائيات، ورود عبارة (عدم توافر بيانات فعلية جراء عدم إجراء التعداد الذي كان مقرراً في أبريل 2010 لعدم توافر موارد مالية)! التعداد السكاني بلغة القائمين عليه هو العملية الكلية لجمع وتجهيز وتقويم وتحليل ونشر البيانات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية، المتعلقة بكل الأفراد في أي مكان أو زمان. هذا الحصر الذي تحتاجه الدول كل دورة زمنية معينة إما خمس أو عشر سنوات يكون رافداً مهماً للمعلومات التي تبنى على أساسها بنية الدولة التحية وتوفير الخدمات في المكان المناسب للعدد المحتمل من السكان، وضبط مستوى الغلاء والرواتب وغيرها من الأمور المهمة جداً لنهضة الإنسان. تأخر التعداد السكاني الفعلي كان سبباً لتخبط الدراسة وتباين الأرقام بينها، ورغم صعوبة وتعقيد عملية إجراء تعداد للسكان، لكنها بالغة الأهمية وتحتاج إلى جهود تضافرية من كافة الجهات لإنجاحها. اليوم والأرقام تتغير في إحصائياتنا صار من الضروري جداً البت الحقيقي في مسألة إجراء تعداد سكاني للإمارات، لنعرف الأرقام والحقائق، عوضاً عن إحصائية تقول إن الرجال أكثر من النساء، وتعود أخرى لتقول إن النساء يغلبن الرجال!