خلل تدني الأرقام ونسب الزيادة في أعداد المواطنين واضح ولا يحتاج للكثير من الاستغراب والتعجب، فالأرقام لا تكذب، وتعكس الواقع بشكل دقيق، ليس بها غش أو تزوير، أو تلاعب. فمن منا كان يتوقع أن تكون نسبة زيادة أعداد المواطنين أكثر من 14,4% خلال السنوات الخمس الماضية، ومن منا كان يتعشم بأن نزيد ضعفاً أو ضعفين، أو نقلب خلل التركيبة السكانية رأساً على عقب، ونتحول بقدرة قادر إلى أكثرية ساحقة! وهل كان أحد من المتفائلين يتوقع أن نكسر حاجز المليون، في خمس سنوات ظللنا نتزايد بها على استحياء، وبمعدلات تقل حتى عن نسب تكاثر الفيلة، التي تحتاج لفترة حمل تقترب من 660 يوماً! فالعائلة الكبيرة، ومشهد امتلاء البيوت بالأولاد والبنات انقرض، وبات متوسط أعداد الأسر عندنا لا يتجاوز الثلاثة، ونساؤنا دائمات الشكوى من هموم وتعب الحياة، رغم أن أعداد الخدم والحشم يفوق عدد الأسرة نفسها! لذلك لم يكن مستغرباً أن يزيد عددنا في خمس سنوات حوالي سبع وتسعين ألفاً فقط لا غير! ومنهم من أمهات أجنبيات، يرحبن بالإنجاب، ليس كالمواطنات، اللاتي يضعن شرط تأخير الإنجاب في صدارة لائحة الشروط المقدمة إلى “المعرس” منذ اليوم الأول لتقدمه لطلب الزواج، وما أن يأتي للزوج الفرج ويحصل على موافقة الحرم المصون بالإنجاب، ويأتيه المولود الأول حتى يدخل في قضية المولود الثاني، الذي يجب أن لا يأتي قبل خمس أو ست سنوات، مما يعني أن يقضي ريعان حياته الزوجية يشاهد وجه حرمه المصون فقط، محروم معدوم ممنوع من الإنجاب! فهل بهذه الأفكار يمكن أن نتزايد ونتكاثر وتتفاخر بنا الأمم؟ وهل بهذا المنطق العقيم، والمنهج الرجيم يمكن أن نحل خلل التركيبة السكانية؟ ونزيد من أعدادنا ونرفع نسبة تكاثرنا؟ لا أظن ذلك مطلقاً، بل ستظل أعدادنا تتراجع ما بقينا نسير على نهج التقنين والتأخير، وغيره من النظريات التي لا تتوافق ولا تنطبق علينا، ويجب العمل على تثقيف الأمهات لدحض هذه الأفكار، فنحن لسنا في الهند أو في الصين، ذات المجتمعات المليارية، ورغم ذلك معدلات الخصوبة عندهم أعلى بكثير منا! كما يجب على الزوجات المصونات تقبل مشروع الزوجة الثانية بصدر رحب، كحل وطني، ومساهمة منهن في تعديل التركيبة السكانية، خاصة أن الزوج لن يأتي منكراً، ويجب عليها أن لا تقف كنكير أمام الزوجة الثانية، ناهيك عن ضرورة إيجاد الحافز من الجهات الحكومية للزواج من الزوجة الثانية، وأن تقدم كل التسهيلات والخدمات للزوج المغلوب على أمره، والمنهك، المتعب من الطلبات والواجبات والالتزامات التي أثقلت كاهله لتأمين العيش الكريم لشبه الأسرة التي كونها بشق الأنفس، فلم لا نفكر بتسهيل الزواج من الثانية وحتى الثالثة، وتقديم مسكن، وصرف راتب، أو بدل زوجة ثانية مغر،أو تشجيع الانجاب برفع بدل الأولاد اضعافا مضاعفة؟ محمد عيسى | m.eisa@alittihad.ae