لأنني لن أتمكن اليوم من التواجد في غرفة قلبي، مجلسي الحبيب “بحر الثقافة” - صالون الشيخة روضة بنت محمد بن خالد آل نهيان للقراءة- بين أصدقاء الكتاب، لمناقشة رواية “الملهمات” للروائية المغربية “فاتحة مرشيد”، قررت المشاركة عبر هذه السطور لتصل إليهم حالتي بعد القراءة؛ وكعادتي في الوقوف على ما أعتقد أني لن أبقى كما كنت قبل قراءته، سأبحر معكم اليوم إلى موانئ أرسو فيها لأشارككم تفاصيل أرض لم أطأها من قبل.
???
“من يرغب في معرفة الحقيقة.. فليبتكرها”..
تشي هذه الجملة بالكثير لمن أراد فعلاً أن يعرف الحقيقة؛ أما من قرر أنه يعرفها، فليترك لنا حرية البحث عنها وابتكارها.
???
“ماذا يستفيد القراء، لو كتب “الكاتب” واقعا يعرفونه؟”..
عفوا، الصحفي مستِثنى تماماً من المقولة السابقة؛ “والكاتب” المقصود هنا “الكاتب” المبدع، القاص أو الروائي أو الشاعر.. إلخ. وعن نفسي، لن أهدر وقتي في قراءة ما أعرفه، فالأمر له علاقة في الأساس بتلك الدقائق والساعات التي تنسل من يدي، ولا أملك -كغيري بالطبع- أي قدرة على وقف انسيابها أو إعادتها؛ ولهذا السبب بالتأكيد لن أهدر وقتي في قراءة ما أعرف؛ فما تبقى يجب أن يكون لما لا أعرفه، ولما يمكن أن يصيبني بالدهشة، لما يمكن أن يطلق شعلة في طريق حياتي، ويجعلني أبتكر لحياتي المقبلة معنى آخر.
???
“صباح يعد بالدهشة”..
كل ما أتمناه عندما أستيقظ.. صباحاً يعد بالدهشة، أتمناه صباحاً مختلفاً، شهي حد اللذة؛ لذة الاكتشاف الأول، والانبهار الأول، والخفقة الأولى. أريد صباحات تتفتح كالزهور وتنثر ألوان الفرح وأريح الحب، وطعم التوت؛ صباحاً يحمل وعوداً بالفرح بعدد وطعم ضحكات الأطفال.
???
“ليتني أعلم ما الذي يُعجل باحتضار الشغف؟!
لا معنى للوجود في غياب الشغف، عندما يغيب.. سترحل الطيور بأصواتها، وستنفض عن أجنحتها ذكريات الجمال، وستتوقف الصور عن الحركة؛ كيف لي أن أبقي الصورة متحركة بوهج الشغف؟ انه الشغف بحالة الشغف.
???
ثمة أحداث نعيشها من دون أن نعيرها اهتماماً وكأنها تعبر سطح أرواحنا من دون أن تصل العمق، وإذا بنا نستعيدها بعض مضي سنوات، بقوة قاهرة كأنها كانت الحدث الأساسي الذي غير مجرى حياتنا.
هل حدث معك هذا؟ انه كذلك.
???
عندما نكتب أشياءنا القديمة ونصفها، هل صحيح أننا نصفها بما شعرنا به في تلك الفترة، (هل صحيح أن الأحداث هكذا مرت، أم أن أحساسنا الآني هو ما يجعلنا نعتقد أنها الحقيقة؟) وما الذي تضفيه المسافة التي تفصلنا عن الأحداث من تأويلات يمليها نضجنا وما اكتسبناه من تجارب؟
سؤال يستحق التوقف أمامه.. فإجابته تحمل لنا مستقبلاً يختلف عما قبله.
ألم أقل لكم.. أشياء لن تبقى بعد قراءتها كما كانت من قبل!!

السعد المنهالي Als.almenhaly@admedia.ae