أتذكر تماما ذلك اليوم الذي نقل فيه أحد الأشخاص إلى المستشفى بسبب خبر فاجع نقله إليه أحد أصدقائه حول حريق التهم منزله كاملا، لكن بعد أن غادرت السيارة مسرعة بالرجل إلى المشفى التفت ذلك الرجل الذي نقل خبر الحريق قائلا للواقفين في ذهول: يا جماعة لم أكن أقصد ما حصل، المسألة أنني أحببت أن أمزح معه، لم يحترق البيت ولم يحدث أي شيء إنها ليست سوى كذبة أبريل !!
كيف يمكنك أن تتصرف حيال شخص كهذا، فحتى الذين اخترعوا كذبة أبريل لا يتمادون إلى درجة تعريض حياة إنسان للموت كما فعل هذا الرجل، وهنا نتساءل إلى أي درجة يمكن أن يسمح لأي منا بتوظيف ثقافات الآخرين دون تدقيق وحرص ؟ فأصحاب الثقافة الغربية التي أنتجت هذه العادة يعرفون عمق الرمزية في حكاية كذبة أبريل، ويعرفون حدود المرح فيها، ولذلك فهم أعلم بمعاييرها من أولئك الذين يكذبون في الأول من شهر أبريل لأن هناك تقليدا اسمه كذبة ابريل دون أن يعرفوا أصل الحكاية ودلالتها الاجتماعية والسياسية والثقافية.
لقد بدأت هذه العادة في فرنسا بعد تبني التقويم المعدل الذي وضعه شارل التاسع عام ‏1564، وكانت فرنسا أول دولة تعمل بهذا التقويم وحتى ذلك التاريخ كان الاحتفال بعيد ‏رأس السنة يبدأ في يوم 21 مارس وينتهي في الأول من أبريل بعد ان يتبادل الناس‏ ‏هدايا عيد رأس السنة الجديدة، وعندما تحول عيد رأس السنة إلى الأول من يناير ظل بعض الناس يحتفلون به في‏ ‏الأول من ابريل كما اعتادوا دائما، ومن ثم أطلق عليهم ضحايا أول أبريل وأصبحت عادة المزاح مع‏ ‏الأصدقاء وذوي القربى في ذلك اليوم رائجة في فرنسا ومنها انتشرت الى البلدان‏ ‏الأخرى وانتشرت على نطاق واسع في انجلترا بحلول القرن السابع عشر الميلادي ويطلق‏ ‏على الضحية اسم ضحية نكتة أبريل.
وهناك عدد آخر من الباحثين في أصل الكذبة يرون ان نشأتها تعود إلى القرون‏ ‏الوسطى إذ ان شهر أبريل في هذه الفترة كان وقت الشفاعة للمجانين وضعاف العقول‏ ‏فيطلق سراحهم في أول شهر ابريل، ويصلي العقلاء من أجلهم وفي ذلك الحين نشأ العيد ‏ ‏المعروف باسم عيد المجانين أسوة بالعيد المشهور باسم عيد القديسين، وهناك باحثون آخرون يؤكدون ان كذبة أول أبريل لم تنتشر بشكل واسع بين غالبية‏ ‏شعوب العالم إلا في القرن التاسع عشر.
والواقع أن كل هذه الأقوال لم تكتسب الدليل الأكيد لإثبات صحتها وسواء أكانت‏ ‏صحيحة أم غير صحيحة فإن المؤكد هو أن البعض يعلق‏ على هذا بالقول أن شهر أبريل يأتي في أوج فصل الربيع ومع الربيع يعتدل مزاج الناس ويرغبون في تبادل المزاح والدعابات مع اصدقائهم وأهلهم!
وأنا أكتب يأتيني صوت فيروز مترنما بنيسان وليس بالكذب حتما..
“ طل وسألني إذا نيسان دق الباب .. حبيت افتحله وعالحب اشرحله...
نعم أطل أبريل أو نيسان هذا العام وكانت إطلالته حلوة ولا زالت حلوة حتى الآن، بلا كذب وبلا مزاح سوى ذلك الخبر الذي تحول حديثا للمجالس في الإمارات حول الزوجة الثانية والإغراءات التي تقدم بها السيد خالد الكمدة لمن يتزوج بثانية شريطة أن تكون إماراتية !!


ayya-222@hotmail.com