هانحن نعود مرة أخرى لنلتقي في الجزء الثاني من محطاتي خلال رحلتي التي استغرقت شهراً، وستكون تركيا هي وجهتي هذه المرة، لأصف لكم بعض الأماكن والجزر التي شدتني في هذه الأرض.. وقبل أن أروي لكم أهم المشاهد فيها أحب أن أضيف لكم معلومة، هي أن عدد الجزر في تركيا يصل إلى تسع جزر منها خمس جزر يقطن فيها عدد من سكان تركيا، ومنها جزر مهجورة أيضاً، ومن أكثر الجزر التي شدت انتباهي جزيرة البنت «وجزيرة الأميرات التي تسمى بالتركية «ايبوك طه» ولكل منها تاريخ وحكاية. وسأحكي عن جزيرة «البنت» التي يرجع عمرها التاريخي إلى 2500 سنة وتقع هذه الجزيرة التي شيد فيها برج في اسطنبول عند التقاء قارة آسيا بأوروبا على بحر مرمرة ويرجع تاريخ هذه الجزيرة إلى حقبة أحد الملوك الذين حكموا اسطنبول وتروي قصته أنه كانت له ابنة وحيدة وعزيزة جداً على قلبه، وفي يوم من الأيام رأى مناماً مزعجاً، وطلب من أشهر المفسرين تفسير حلمه وكان تفسير المنام أن ثعباناً سيلدغ ابنته وتموت عندما تبلغ الثامنة عشرة من العمر.. ففكر في طريقة يحمي بها ابنته.. وقرر أن يبني لها جزيرة وسط البحر تسكنها، ليبعدها عن وصول الثعبان إليها.. فبنى لها هذه الجزيرة وأسكنها فيها.. ولما أصبح عمرها 18 عاماً أهدى إلى الأميرة سة من العنب أو كما تروي إحدى القصص سلة من الورود، وكان قد تسلل إليها ثعبان، فلما فتحت السلة خرج منها الثعبان فلدغها وماتت.. ومن هنا أصبح البرج رمزاً لحتمية القدر، وقد أصبح الآن معلماً ومركزاً للجمارك، ويضم أشهر المطاعم السياحية وأرقاها في اسطنبول وهي منتجع لعشاق الهدوء والجلسات المميزة، وأحياناً يشهد إقامة حفلات الزواج، أما الجزيرة الثانية التي أحب أن أحكي عنها فهي جزيرة 'يبوك أطه' أي جزيرة الأميرات، وهي من أشهر جزر الأميرات وأكبرها مساحة في العهد القديم، ويعود سبب تسميتها لعهد الدولة البيزنطية، حيث كانت هذه الجزر منفى للأمراء والأميرات، وهاهي تستقطب اليوم آلاف السياح والزائرين للاستمتاع بجوها الجميل والهرب من صخب المدينة والعودة إلى الزمن الماضي، حيث البناء القديم والبيوت الخشبية، والشوارع الضيقة الأشبه بالأزقة، بالإضافة إلى الهدوء التام على الجزيرة. والأهم من هذا كله هو عدم وجود سيارات أو زحام مما يعني أن البيئة نظيفة وخالية من التلوث، وتقع جزر الأميرات، في بحر مرمرة بالقرب من الخط الساحلي لمدينة اسطنبول، والطريقة الوحيدة للوصول إليها تتم بواسطة السفن التي هي أيضا متعة أخرى يعيشها المتوجه للجزيرة خلال الرحلة، حيث يستمتع بمشاهدة المناظر الجميلة كالمرور تحت جسر البوسفور، الجسر الوحيد الذي يربط بين قارتي آسيا وأوروبا، بالإضافة إلى رؤية المناظر الطبيعية الخلابة، والمراكب والفنادق الفخمة، والقلاع التاريخية والقصور القديمة. وترجع شهرة جزيرة بيوك أطه في العهد العثماني، إلى أنها عندما فتحها القائد العسكري العثماني سليمان بالطة أوغلو عام 1453 ميلادي قبيل الفتح الكبير لمدينة القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح الذي قام بتقسيم القسطنطينية إلى عدة مناطق سكنية، ومن ضمنها جزر الأميرات التي أسكن فيها فيما بعد مسيحيي منطقة البحر الأسود، حيث بدأوا بممارسة مهنة الصيد في الجزيرة حتى منتصف القرن التاسع عشر. Maary191@hotmail.com