هل عشت طفولة مثالية ؟ هو عنوان رسالة إلكترونية وصلتني منذ زمن بعيد ثم عدت واستلمتها مجددا، وقد أثارت في نفوس أشقائي كما في نفسي الكثير من الشجن والضحك والفرح معا، أعادتنا الرسالة إلى أيام الطفولة البعيدة في الفرجان، الطفولة التي شكلت قاسما مشتركا عاشها جيل كامل كنت اعتقده هنا في الإمارات فقط فاتضح أن كل أطفال الخليج تقريبا تقاسموا هذه الطفولة المثالية كما يسميها صاحب الرسالة، فهل هي مثالية فعلا ؟ تحيلنا صفة المثالية إلى تداعيات وحكايات يصنفها جيل كامل على أنها الإرث الجميل أو الباقي في الذاكرة، والذي صار تراثا في نهاية الأمر لأن كثيرين تقاسموه مع بعض فتحول ذاكرة جماعية.
وعليه فأنا أقترح على طلاب الدراسات السيسيولوجية أن يتنبهوا لهذه التفاصيل الحياتية لأطفال الإمارات والخليج خلال سنوات الستينيات والسبعينيات فتفاصيل اللعب وأشكاله وشقاواته مثلت على الدوام مشهدا متكاملا أفرزته بيئة اجتماعية واقتصادية وثقافية ذات خصوصية تحتاج إلى كثير من الدراسة والتوثيق فيما يتعلق بثياب الأطفال، وقاموسهم اللغوي، وحيلهم وشقاواتهم وأكاذيبهم، وأدوات لعبهم وأنواعها، ومهاراتهم المختلفة في السباحة والجري وصيد النوارس، وأخلاقيات الأطفال حين يطرقون أبواب الجيران ويهربون وحين يهربون من المدرسة طيلة النهار، وحين يسرقون شيئا من دكان الفريج !
ملامح الطفولة التي تذكرها الرسالة تركز على طفولة الصبيان فقط، وتستثني الفتيات الصغيرات اللواتي كانت لهن ألعابهن وشقاواتهن وان كانت ليست بوضوح وفجاجة الطفولة الأولادية، وقد يأتي يوما من يجمع لنا مشهد الطفولة لدى الصغيرات قديما، وحتى ذلك الوقت فان ملامح الطفولة الولادية المثالية تتبدي من خلال هذه الأسئلة المشاكسة:
هل كنت تاكل لبن مثلثات مثلج؟
هل كنت تلعب في الحارة حافي نص النهار؟
هل كان عندك كيس مليان اتيل (الكرات الزجاجية) وكنت تعتبره ثروة تتباهى بها أمام الجميع ؟
هل كنت تدق باب الجيران وتهرب؟؟؟
هل كنت تسرق حلاوة البهلوان اولبان بو قطو من الدكان؟
هل كانوا يحطون لك (قهوة مطحونة) على رأسك لما حد يفلعك بحصاة؟
هل كنت تركض ورا سيارة الفليت قبل صلاة المغرب ؟
هل كنت تلعوز قطاو الفريج ؟ وتصيد طيور البحر؟ وتهرب من المدرسة وتضل هايت في السكيك حتى موعد انتهاء الدوام المدرسي ؟
إذا كنت تفعل هذا وأكثر فقد عشت طفولتك بالطول والعرض، أما ما يمكن ان تكون قد تعرضت له مما لا يمكن ذكره فقد مضى وانتهى، وشكل لك بعض الوقت تجارب سلبية، لازلت تعاني من بعض تذكاراتها لكنك تجاوزتها بلياقة او بسياسة الامر الواقع.
اليوم وقد تزوجت وصرت أبا تسأل نفسك: اي طفولة يعيشها أبنائي ؟ أي متعة وأي بهجة يحصلون عليها طيلة اليوم طالما التهمت المدرسة ثلاثة أرباع اليوم والبلاكبيري والبلايستيشن والتلفزيون والمول ما تبقى ؟ يا ترى هل كنت تتمنى لو عشت طفولة اليوم ؟ ام ان طفولتك المتشردة أو “المثالية” كانت أفضل ؟ سؤال للجميع ؟


ayya-222@hotmail.com