قال أحد القراء بغضب أولاً وبثقة ثانياً تعليقاً على مقال أمس: “المواطنون لا يتزايدون ببطء لكن غير المواطنين يتكاثرون بالانشطار النووي” ففي فترة الــ 9 أشهر التي يتخلق فيه جنين في بطن أمه يدخل إلى أرض الدولة آلاف مؤلفة يزيدون خلل التركيبة السكانية أكثر وأكثر ولذلك فإن ولادة طفل أو حتى عشرة آلاف لن يعالج الخلل الحاصل، الخلل له أكثر من سبب، ولابد من أن ننظر إليه بشكل أكثر اتساعاً وأكثر شمولية بمعنى أن ننظر إليه من كل الزوايا إذا أردنا أن نصل فيه إلى نتيجة ما.
فأولاً نحن نعلم جميعاً أن هذا الخلل الذي نصرخ جميعاً من تبعاته ليس وليد اليوم وقد تأسس بناء على تراكمات كثيرة في الزمن وفي البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لمجتمع الإمارات، ولم يكن الأمر ليصبح أزمة ثم مشكلة وتالياً خللاً فظيعاً لو أننا خططنا لإيقافه عند حده منذ البداية لكن الأمر فلت من بين أيدينا، واستغرقتنا أمور النمو والتنمية وسط نقص حاد في المخزون البشري المواطن فيما يتعلق بالكثير من الأعمال والوظائف التي تم سد فجواتها باستيراد العمالة من الخارج.
إذن فالعمالة الأجنبية في الإمارات ليس شراً بحتاً، حتى نكون منصفين وموضوعيين، كما أن هذه العمالة لم تأت كلها لتعمل في مشروعات البنية التحتية التي نهضت بها مؤسسات الحكومة، فكل فرد وكل عائلة إماراتية يقع تحت مسؤوليتها عدد من العمال أو العمالة التي تشتغل لمصلحة هؤلاء كخدم منازل متعددي المهام إضافة لتوجه غريب موجود عندنا في الإمارات وهو أن أغلبنا كمواطنين نملك رخصاً تجارية نديرها أو نؤجرها وعليه فمبدأ كل مواطن تاجر فتح المجال أكثر لاستيراد العمالة وتراكمها في البلد، إضافة للاستيراد الأكبر الذي قام به أصحاب المشاريع الكبيرة ورجال الأعمال الكبار خاصة الناشطين في مجال البناء والمقاولات والعقارات وغيرها.
مع مرور الأيام انعكس هذا التوجه الخطير لعمالة علينا شخصياً وبدأنا نشكو في كل اتجاه، فمن يقول أثروا في لغتنا ومن يقول أثروا على تربية أبنائنا، ومن يقول زاحمونا في شوارعنا، وصار الصراخ يصم الآذان في الصحف وبرامج البث المباشر والمجالس وصالونات التجميل وغيرها، لكن أحداً من السادة الشاكين لم يقف ليسأل نفسه هذا السؤال: هل جاءتنا العمالة الأجنبية من الفضاء الخارجي؟ هل نزلت علينا غصباً دون إرادتنا؟ ألم نذهب بأنفسنا – ولانزال – إلى دوائر الهجرة والإقامة لاستقدامهم وبإصرار مستمر ؟ إذن فما هو الحل ؟
الحل أن نقرر بأننا في غير حاجة حقيقية إلى عدد كبير منهم، وبأننا نستطيع أن نقوم بجزء كبير من الأعمال التي يقومون بها، على صعيد مهام الخدمة المنزلية على الأقل، على صعيد الاستعاضة عنهم في العديد من الأماكن وتشغيل أبناء البلد ممن لم يكملوا تعليمهم أو ممن يتسربون من المدارس ويمارسون الصياعة والضياع وجرائم الأحداث، نحتاج الى أن نعي خطورة المشكلة أولاً ، ثم نعي بصدق أننا راغبون في حلها، وأن تكون لدينا الإرادة الحقيقية لاقتراح الحلول وتحمل تطبيقها، ماذا وإلا فسنبقى نراوح مكاننا نشتكي إلى مالا نهاية، ومعروف أن لا شكوى لاتحل أي مشكلة.


ayya-222@hotmail.com