نحن من أكثر الشعوب شغفاً بنظرية المؤامرة، ولست أدري السبب وراء هذا الشغف، ولكن ربما لأن تاريخنا حافل بالكثير من القصص، سواء ما كان منها حقيقياً أو ما ترسب في نفوسنا من حكايات الأساطير و«ألف ليلة وليلة»، ومن آخر ما تردد في البطولة الآسيوية هنا من هذا القبيل، ما قيل على لسان أكثر من فرد التقيتهم من أن المنتخب الكويتي خسر مباراته أمام الفريق الصيني بفعل فاعل وبتوصية صريحة من رئيس الاتحاد الآسيوي للحكم الذي أدار المباراة، بأن يفعل ما فعل في الكويت ليكون الهدفان اللذان أشعلا الأمور وسط مساعي التهدئة. وعلى الرغم من أنني ضد رئيس الاتحاد الآسيوي في سيناريو الانتخابات وما دار فيه، وفي كونه وهو رئيس الاتحاد القاري كان يجب أن ينأى بنفسه عن أية أدوار تتنافى مع منصبه الرفيع، إلا أنني أيضاً ضد نظرية المؤامرة تلك شكلاً وموضوعاً، وأعتقد أن ترويج مثل هذا الكلام، من قبل البعض ممن يتحدثون بتباك على العروبة والانقسام، لا يقل بل يزيد على ما حدث في الانتخابات. محمد بن همام له الكثير من الإنجازات التي لا ينكرها أحد وقدم عطاء مشكوراً للكرة الآسيوية، وترويج شائعة كتلك يضر بمجموعنا وبرصيدنا الرياضي، كما أنه يفتقر إلى أبسط مقومات التصديق، ولو كان ابن همام ضالعاً بهذا القدر ومؤثراً حتى على الحكام لتدخل لنجدة منتخب بلاده في المباراة الافتتاحية، كما أن الأمور ليست بهذه السذاجة، وأخطاء الحكام هي مسؤوليتهم وحدهم، وأقصى ما نطالب به رئيس الاتحاد أن يتدخل لتصويب الأمور بدلاً من الزج به في شائعة كتلك، كما أن رئيس الاتحاد ليس من تدخل وصنع الكرات المثيرة للجدل، فجعل الكرة تبدو وكأنها جاوزت خط المرمى أو لم تجاوزه أو أسقط لاعبين وصنع اشتباكاً بينهما أو أسقط لاعباً في منطقة جزاء التنين. أقول هذا وأنا مؤيد تماماً للقول إن المنتخب الكويتي الشقيق ظلم ظلماً بيناً في تلك المباراة التي لا يستحق فيها الخسارة، فله ضربة جزاء واضحة، كما أن لاعبه مساعد ندا وإن استحق الطرد إلا أن لاعب الصين الذي احتك به كان يستحق الطرد معه، لا سيما أنه البادئ بالفعل، وندا طرد لرد الفعل، بينما صاحب الفعل الأصلي استمتع بالبقاء والاحتفال بالنصر وتكملة المشوار مع فريقه، وأيضاً الكرة التي كانت محل جدل، واعتبرها الكثيرون قد تجاوزت خط المرمى، أراها كذلك وهو ما يعني إلغاء هدف صحيح للكويت، ولو صححنا تلك الأخطاء للحكم الأسترالي بنجامين ويليامز، فمعنى ذلك أن المباراة «تعادل»، ناهيك عما أحدثه الظلم التحكيمي في نفوس لاعبي الكويت من ضغوط ربما يكونون قد شعروا معها بأن المباراة لن تكون من نصيبهم مهما فعلوا. وعموماً لدى الكويتيين فرصة للخروج من هذه الدائرة، والتأكيد على رغبتهم في التعويض، فبطل الخليج ليس بالفريق الهين إطلاقاً، وبإمكانهم حسم مباراتيهم الباقيتين لصالحهم، وإن بقيت مشكلة وهي أن شقيقاً خليجياً هو العنابي سيكون في واحدة من هاتين المواجهتين. كلمة أخيرة: إصدار الأحكام بالنوايا ممن يدعون أنهم يرفضون الظلم، هو عينه منتهى الظلم محمد البادع | mohamed.albade@admedia.ae