أعتقد - والله أعلم - أن كل النساء المتزوجات الإماراتيات قضين اليومين الماضيين على جمر من الغضب والسخط، دعاؤهن وصل عنان السماء، ولعناتهن انهالت يميناً ويساراً على الرجال جميعا، بعد التصريحات» النارية» التي صرح بها مدير هيئة تنمية المجتمع بدبي خالد الكمدة. النساء اللواتي يتنمرن بمجرد أن يسمعن بموضوع الزواج الثاني تحفزن وانسالت صرخاتهن الساخطة عبر «البرودكاست»، وتفلسفت من تفلسفت منهن بتحليل غاضب يبدأ ولا ينتهي، وتبرعت أخرى بشتم العوانس، وهاجت النساء وماجت على البلاك بيري حتى كادت الأجهزة نفسها أن تنفجر! تنظر النساء لمسألة الزواج الثاني على أنه إهانة لهن، ويعتقدن جازمات بأن على الدولة منعه لحفظ كرامتهن! بينما الإسلام الذي أقره حفظ لهن ما يرفع الاحترام وينأى بالكرامة عن الذل والهوان، هن ينظرن للمسألة من ناحية شخصية، ضرر مباشر يقع على البيت والمنزل يجب إيقافه، وبالعموم لا توجد امرأة عاقلة ترضى بأن يتزوج زوجها أخرى سواها، ومن غير المنطقي أن ترحب واحدة بشريكة تشاركها هذا الزوج. لكن المسألة ليست شخصية وليس لها علاقة بامرأة دون أخرى، ومن غير المعقول أن يحاول أصحاب القرار دفع الرجال للزواج بأخرى لأن المواطنات يحفظن طريق المحكمة الشرعية ومكاتب محامي الطلاق عن ظهر قلب، ومثل هذه الأمر سيكون دعوة للطلاق الذي تعشقه نساؤنا عشقاً جماً! لكنها دعوة عاقلة متزنة لضمان حق الزوجة الثانية المواطنة، لأنها دونا عن الجنسيات الأخرى تعاني من سلب حقها بعد اقترانها بزوج متزوج. أبرز الحقوق المسلوبة منها يكون «بدل الحالة الاجتماعية» فهناك اقتطاع يؤخذ من راتبها بمبلغ وقدره، وفي المقابل لا يضاف هذا الاقتطاع على راتب الزوج، لأن حالته الاجتماعية متزوج أساسا، وبالتالي يقل راتبها دون أن يزيد راتب زوجها ما يحرمها جزءا مهما من مصدر دخلها. من الحقوق المسلوبة أيضا حق زوجها في التقديم على منزل جديد يضمها وأبناؤها، فالزوج الحاصل على منزل حكومي يقتسمه مع الأولى، أما إذا اقترن بأخرى بعد حصوله على البيت لا يحق له الحصول على آخر، وفي هذا الأمر مشكلة خاصة إن كانت كل زوجة في إمارة مختلفة، أو كبر أبناء الثانية وزاد عددهم وبالتالي يصبحوا حبيسي الإيجار حتى يتزوجوا. هناك أمور كثيرة تحرم منها الزوجة الثانية مع أنها مواطنة إماراتية ولها حقوق مثل الزوجة الأولى، لكن حقوقها ترتبط بزوج تزوج قبلها واقتسم ما حصل عليه مع زوجته الأولى التي بالتأكيد ترفض وجود الشريكة معها. إن الدعوة لضمان حق ابنة الإمارات سواء كانت زوجة أولى أو رابعة ليس بالجريمة التي تستحق استنفار النساء ذاك، ويفترض من كل أصحاب القرار دعم هذا الحق، فالأمر ليس دعوة للزواج الثاني الذي لا يمكن أن يسقطه أي قانون من حقوق الرجل، ولا هو ترغيب بالزواج بأخرى لأن المواطنين عندما يفكرون بالزواج الثاني يبحثون عن الأجنبية أساساً ولا يفكرون بالاقتران بعانس، لكنه حرص على ضمان حق امرأة دفعتها الظروف – أيا كانت- للزواج برجل حصل على حقوقه وحقوق زوجته الأولى وتركت دون حق الأمان.