والله النشبة يوم تعزر عليك سهيله تسير تسجل البنت في المدرسة الإنجليزية، وأنها لازم تتقدمكم وكأنها “ماي فير ليدي” ولأنها شغل تعليم قديم، يعني درست في مدارس تحفيظ القرآن، ولحقت على تعليم الكبار، وسجلت في البادي بمدارس الجمعيات النسائية، لذا انحصرت ثقافتها في الفرنسية وآدابها، وتريد لابنتها ثقافة مغايرة، وبعد أن مرت على جميع المواقع، بخصوص المدارس الخاصة والتحري الإلكتروني عنها، بحيث لم أدخل عليها مرة صومعة الكمبيوتر إلا ووجدت عندها شيئاً تريد قوله، وينحصر في خوفها أن بعض هذه المدارس تبشيرية، فقلت لها إن هذا مصطلح قديم، يردده المتزمتون فقط، وانسي نصائح الأمهات وربات البيوت على الإنترنت، توكلي على الله وسجلي البنت، هذا جيل المستقبل ولغة عصره مختلفة.
فأتت لي بمرضام أوراق كلها بالإنجليزي لتعبئتها، وضحكت عليّ قائلة إن المدرسة تطلب أن تملأ بيانات الأوراق بخط يد ولي الأمر، وهي تعرف ضيقي وتبرمي من هذه الأشياء، فكيف إن كانت بالإنجليزي التي هباب ما أوَبّص بها، وبالكاد أمشي حالي بها في المطاعم كلغة سياحية، المهم الاستمارات التي تأخذ في يد خلق الله ساعة، بقينا عليها مستعينين بالقاموس المنجد للطلاب ثلاث ساعات ولم تخلص، لأن الأب مستعجل، ولا يتوقف كثيراً عند الأمور غير المهمة، والأم على أقل من مهلها، وتدقق في الأمور كما تشتهي، وعشان تعرفون الفرق بينهما، الأب إذا وصل إلى سؤال المدرسة، هل تعاني الطالبة من أمراض معدية؟ فيقوم بكتابة كلمة واحدة لا، أما الأم وحين تسمع السؤال، ترد بجواب لا تريده المدرسة، وغير مطلوب منها مثل: “الله يحفظها، إن شاء الله عدوّها”، وإن كان السؤال عن شلل الأطفال قالت: “محروزة الغالية.. فديتها أنا” ورغم صعوبة ترجمتها إلى الإنجليزية، لأنه جواب غير طبي، ولا يمت للصحة بصلة، فتطلب منها أن تكمل تعبئة الاستمارة بدلاً عنك، إن ظلت تعدد وتولول، وبما إنجليزيتها أعطب من إنجليزتي شغل الأستاذ محمود، فقد طلبت منها الصمت وأن تجاوب بقدر السؤال، وأفهمتها أنها تخص الأم وحالتها الصحية، مثل هل تعاني الأم من السعال الديكي المستمر؟ أو هل أصيبت بخاز باز في حياتها؟ وهي تجاوب بطريقتها الإيمانية مثل: “الشر برا وبعيد، وعساه فأل اللي ما يحبوني”، فنهرتها وقلت لها جاوبي يا حرمة، وإلا تراه ما يخصني فانصاعت غير مقتنعة، وهي تناظر بعين، وكأنها أمام دكتور للمعاينة والفحص، وتصنعت أنا الجد، حتى وصلت إلى سؤالي المتخيل: هل تشنترت والدة الطالبة عن وجع الرّضاخ، أم اكتفت بمسح العجوز غريبة؟ ففتحت عينيها دهشة، فلم أتمالك نفسي ووقعت من الضحك، فقالت: “أشوف كل الأسئلة عن الأم، وين أسئلة الأبو الشيبة اللي ضاربنه العشو، وبو ريول محرّولة”!



amood8@yahoo.com