لم يكن صباح السبت الماضي عاديا بالنسبة للقاطنين بجوار طريق أبوظبي دبي، فقد كان صوت سيارات الإسعاف ملحوظا وتنبيهات سيارات الشرطة أيضا، بدا وكأن شيئا صاخبا يحدث في الشارع القريب، وبحكم تجارب سابقة عرف الجميع بأن هناك حادثا ضخما. منذ غنتوت 2008 وما بعدها ونحن نرى تكرار الحوادث في فترة الضباب على ذلك الشارع، حوادث ضخمة مثل حادث السبت المنصرم، وحوادث متفرقة وفردية متكررة بوتيرة واحدة: ضباب فاصطدام، وفي اليوم التالي تخرج علينا الصحف بصور الحادث، وتظهر تصريحات رجال الشرطة الذين حذروا من القيادة في الضباب في الساعة الثالثة فجرا عبر استخدام الفيس بوك وتويتر! بعض شبابنا الأشاوس من مستعملي الطرق الخارجية يظنون أنهم “ملاك الطريق” وأن مهاراتهم في القيادة تتفوق على شوماخر ومحمد بن سليّم، فتجدهم يتبارزون ويسرعون حتى في أعقد الظروف الجوية، ولا غضاضة لديهم من استعمال الأضواء الساطعة التي تشتت القيادة أثناء الضباب، وتصبح القيادة المتهورة في هذا الوقت تحد جديد يبهرهم ويرغبون بركوبه. النزعة اللامبالية عند بعض قائدي السيارات، والخوف والتردد عند آخرين، والجهل بأصول القيادة أثناء الضباب، وربما أنانية من أراد الوصول دون اهتمام بأنه يعرض حياته وحياة الناس للخطر، راكمت 127 سيارة متصادمة في ذاك المكان. هذه الحالة ليست محصورة بشارع دبي أبوظبي لأنها تحدث أيضا في شوارع المنطقة الغربية وعلى رأسها شارع الغويفات -السلع الذي يغرق في الضباب كل عام في نفس الوقت من السنة فيحتاج جهدا حكوميا أكثر من مجرد تنبيه السائقين، وارسال رسائل بالاذاعة عوضا عن إرسال رسائل نصية على الهواتف. كنا ننتظر من إدارة المرور والدوريات في شرطة أبوظبي إغلاق الشارع بمجرد وصول بلاغ الضباب وانعدام الرؤية فيه، وتحويل المرور إلى شوارع أخرى أقل ضبابية أو حتى تعطيل الشارع إلى نهاية فترة الضباب، فعلى الأقل لن تكون الخسائر في هذه الحالة بشرية ولن تفتقد أسرة معيلها أو تلهث أخرى في المستشفيات انتظارا لشفائه. إدارة المرور والدوريات في شرطة أبوظبي تلعب دورا كبيرا وهاما في ضبط المخالفين وملاحقة أصحاب السيارات المنتهية، أو حتى من لا يرتدي حزام الأمان، ولم تأل جهدا لمتابعة الشوارع عبر الكاميرات أو وضع الرادارات، أو نشر أجهزة القناص والدوريات المدنية، وبالطبع وضع غرامة ساعد والمواقف. لكنها عندما يأتي الموضوع لوجود مسبب طبيعي للحوادث مثل الضباب، أو وصول عاصفة مطرية لا تقف بنفس الحزم والقوة -مع أن هذه الظواهر نادرة جدا- ولا تنشر دورياتها في منطقة الضباب لمنع السيارات من المرور وتأخيرها بضع ساعات إلى انقضاء تلك الغيمة الضبابية. جهود إدارة المرور والدوريات واضحة في تحريك الشارع بعد الحادث وإرسال سيارات الاسعاف وحافلات المواصلات وسيارات القطر والمروحية لكن دورها كان يمكن أن يكون أكبر وأكثر عمقا لو لمسنا جهدها في إيقاف حدوث هذا التصادم خاصة وأنها أدركت الخطر قبل وقوعه بعدة ساعات، في تلك اللحظة سنكون شاكرين وممتنين لها ونحفظ لها جهدها في منع التصادم والخسائر البشرية، بدلا من حفظنا لمسألة غراماتها ونقاطها السوداء.