دأبت البنوك التجارية بالدولة على التوسع في منح تسهيلات والقروض الشخصية منذ فترة ليست بالقصيرة وما زالت تتفنن في الحصول على عملاء جدد لينضموا إلى أولئك الذين غرر بهم ليصل حجم اقتراضهم إلى مبالغ لا يمكن سدادها حتى مرحلة الشيخوخة ما يدفع إلى أن يكون احد الحلول الإيداع في السجن لعدم التمكن من الدفع... أو « الانتحار» كما أشار عبدا لله البلوشي مواطن في العقد الثالث من عمره موظف من محدودي الدخل الذي ساقته الأقدار لأحد البنوك التجارية بالدولة في العام 2000 حين أراد أن يكمل نصف دينه فاقترض 120 ألف درهم صرفها لزواجه وإيجار وفرش عش الزوجية الجديد ومساعدة الأهل ...
بعد فترة بدأ عبدا لله يشعر بالنقص حيث يلتهم القرض أكثر من ثلثي الراتب حيث لا يتجاوز راتبه 17 ألف درهم وخطر لعبد الله في العام 2003 أن يلجأ لبنك آخر ليشتري قرضه ويقرضه مبلغ 300 ألف درهم حتى يتمكن من الوقوف على أقدامه ويستطيع مجابهة متطلبات الحياة والغلاء الذي طال كل مناحي الحياة
لم يقر عبد الله الذي وصل قرضه إلى مبلغ 420 ألف درهم ولم يهدأ وهو يفكر في كيفية الخلاص من الدين الذي بات جاثما على صدره ورغم مرور 5 سنوات أي في العام 2008 لم تهبط قيمة القرض بل استمر في زيادة متتالية ولم تؤثر في عضده تلك الدفعات الشهرية التي تلتهم أكثر من ثلثي الراتب شهريا... وضاق ذرعا بهذه الحالة التي لا تفارق خياله ليلا نهارا... وفكر في حل آخر للقضية واهتدى إلى أن يشتري القرض بنك آخر الذي اشترط أن يتحول راتبه إليه حيث وصل القرض بعد ذلك الإجراء إلى 800 ألف درهم وعلم أن الزيادة تمثل الفوائد... ولا يعلم أي فوائد التي تضاعف المبلغ.
وبعد تفكير عميق وأرق طويل توجه إلى احد البنوك الإسلامية في العام 2009 وبالأمس القريب أي منذ أيام ذهب عبد الله ليحصل على شهادة بالقرض وجد أن المبلغ وصل إلى مليون و700 ألف درهم وبات كمن يهرب من الرمضاء إلى النار فأصبح يقلب كفيه وكاد أن يفقد عقله بعد سماع هذا النبأ بحسب زعمه... وقال عبد الله: «بصريح العبارة كيف لي أن ادفع قيمة القرض وهذا حالي... وأضاف: ليس أمامي إلا أن انتحر أمام البنك ولا حل آخر أمامي أرجوك اكتب هذا... وانتحاري ليس من أجلي بل من أجل ألا يقع الآخرون في نفس الحفرة التي قذفت بنفسي فيها محذرا الشباب....!»
تبقى قضية القروض الشخصية هماً يؤرق الشباب المواطنين في ظل التسهيلات غير المسبوقة ما يؤكد تزايد النزعة الاستهلاكية لدى الأفراد وتزايد شبح الديون الذي يطاردهم ليل نهار ويقابلها في الوقت ذاته أنها من الديون المتعثرة من وجهة نظر البنوك والتي يقدرها الخبراء بمليارات الدراهم... ترى كم من الشباب يعيشون بيننا حالهم كحال عبدا لله وربما أسوأ... القروض تهدد حياتهم وتحرمهم من حريتهم وربما تحولهم من أسوياء في مجتمعهم إلى مجرمين في نظر القانون وبالتالي منبوذين في نظر مجتمعهم... هل من قانون ينظم هذه المعضلة ؟ كم عبد الله سننتظر حتى نلتفت لهذه القضية ..!!


jameelrafee@admedia.ae