كل عام والجميع بخير وسلام، الواقع أنه من حسن الطالع أن يبدأ العام الجديد مرتباً هكذا، يبدأ مع بداية الأسبوع، رغم ما قد يحمله من معاني ضياع إجازة رأس السنة التي اعتدنا أن نحصل عليها حتى لو صادفت يوم إجازة أسبوعية. غير أن ذلك منحني أيضاً فرصة لأبدأ العام الجديد بأوراقي المبعثرة هذه محاولة تنظيمها.
كعادتهم في كل عام ينشط المنجمون في وضع سيناريوهات لأحداث العام الجديد، ولا بد أن يضعوا قصصاً خيالية وكوارث وأزمات وانقلابات وحروباً، لأن هذه أمور قد تحدث بطبيعة الحال مع البشر، ولا بد أن يضعوا توقعات للحالة العاطفية والمالية التي تهم جميع الناس، وزمان قيل كذب المنجمون ولو صدقوا..
ووجدتني أتساءل فيما يمكن أن أتمنى تحقيقه في العام الجديد، غير أنني لم أفكر كثيراً في الموضوع، ذلك أنني لا أجيد التخطيط والتكتيك..
وقبل يومين كنت ألملم أوراقي بعد أن أنهيت طقوس ممارستي لمهنة المتاعب، وخرجت متجهة إلى سيارتي التي ما أن ركبتها حتى اقتربت مني سيدة عجوز ترتدي ملابس تقليدية وتغطي وجهها بنقاب لا يكشف سوى عينيها البريئتين التعبتين، أشفقت عليها وهي تطرق زجاج سيارتي، رغم خشيتي أن تكون «شحاتة» أو نصابة فأتورط فيما لا تحمد عقباه..
المهم أنني فتحت لها نصف النافذة فوجدتها تقول لي إنها كانت تراقبني وأنا أسير نحو سيارتي ورأت في وجهي حزناً دفيناً، وقالت إنني سألتقي شخصية مهمة، وإنني سأتزوج رجلاً نبيلاً، وإنني سأحصل على أموال كثيرة، وإنني وإنني .. أشياء مثيرة، ثم عقدت حبلاً عقداً عدة، ووضعته في يدي، وطلبت مني غلق كفي، ثم قامت بحركات لأجد بعدها أن عقد الحبل قد انفكت في كفي المغلق، المهم أنها طلبت مني أموالاً كثيرة نظير هذا الخدمات، التي لم أطلبها أصلاً، وطلبت مني أضحية قالت إنه يمكنني أن أدفع ثمنها نقداً، فقلت في نفسي كل هذا من أجل الشحاتة، ليتني لم أفتح النافذة، ووضعت في يدها عشرين درهماً، ردتها علي وكأنها شعرت بالإهانة وبعد شد وجدال، قلت لها بصراحة إن كل ما قالته غير صحيح، وأوضحت لها أن طبيعة عملي تحتم علي أن التقي بالشخصيات المهمة، وأن أبنائي يملأون حياتي سعادة، أما الأموال فلا تعني شيئاً إذا لم نحسن التصرف بها، وفندت كل توقعاتها للعام الجديد، فأسقط في يدها، ومددت يدي بمبلغ إكراماً لسنها وتعبها، ونصيحة بأن تحترس حتى لا تقع في يد من لا يرحم كبر سنها..


amal.almehairi@admedia.ae