الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثورة علمية: دم الحبل السُري ملائم لعلاج 75 مرضاً مزمناً

ثورة علمية: دم الحبل السُري ملائم لعلاج 75 مرضاً مزمناً
20 يوليو 2010 21:17
ثورة علمية لم تصبح رائجة بعد، على الرغم من إقدام حكومات وشركات خاصة على اعتمادها، ولكون التراث الشعبي يعرف بعضا مما يشبهها، وإن كان لا يرتبط معها بصلة من الناحية العلمية، فقد درج في القدم الاحتفاظ بالمشيمة عند ولادة الطفل كنوع من البركة، وكرمز للحياة، كون المشيمة هي التي تعمل على تنقية الدم المغذي للجنين في رحم أمه، كما تأخذ الدم القادم منه وتنقّيه قبل أن يعود إلى جسد الأم في دورة حياة متكاملة بين الأم وجنينها. الثورة العلمية الجديدة تتمحور أيضاً حول رحم الأم- الأم المعطاء، الأم المغذية للحياة- فمن الحبل السري الذي يربط الجنين بأمه، تم اكتشاف مدى أهمية الدم فيه، إذ يحتوي على عدد كبير من الخلايا الجذعية، وهي الخلايا القابلة للانقسام والتكاثر، وتستخدم لدى أخذها من نقي العظم في علاج العديد من الأمراض. الفرق بين دم الحبل السري ونقي العظم، في حال التطابق في الدم بين المانح والمتلقي، أن دم الحبل السري لا يرفضه الجسم، فيما قد يرفض الجسم تقبل نقي العظم. ثورة علمية لا تزال في مقياس الزمن العلمي وليدة وتحت الاختبار، على الرغم من أنها أنقذت حياة الكثيرين من مصابين ببعض أنواع اللوكيميا والأطفال المصابين بالسكري من النوع الأول... على الحكومات والدول التنبّه إليها كي لا تبقى في عهدة شركات تبغي الربح فقط، من دون خلفية علمية موثوق بها، ومقاييس ومعايير محدّدة، حيث تسعى إلى إنشاء بنوك لتجميد دم الحبل السري مقابل مبالغ معينة من المال، وتعرض على الأهل أكثر ممّا تقدّم... أو تحوّر في أسلوب عرض ما تقدّمه كأنها تروّج لسلعة تجارية عادية من دون أن توضح فعلاً التفاصيل المهمة التي على كل إنسان معرفتها قبل الإقدام عليها. تعتبر الإمارات العربية المتحدة الدولة الأولى على مستوى الخليج والشرق الأوسط التي بدأت عملياً باستخدام تقنية تجميد دم الحبل السري في مركز حكومي تابع لمستشفى الوصل في دبي، وهو مركز دبي لدم الحبل السري والأبحاث، شرع فعلياً في عمله في السادس من يونيو العام 2006. وافتتح مركز آخر في مستشفى الملك فيصل في المملكة العربية السعودية لم يبدأ عمله بعد، فسجّلت بداية العمل الفعلي في تخزين دم الحبل السري في مركز دبي. وكما بنوك الدم، أصبحت بنوك دم الحبل السري تروج شيئاً فشيئاً في انتظار توعية أوسع، وتوجه جدي نحو الجمهور لتأكيد أهمية هذه الثورة العلمية الجديدة التي تنقذ حياة الملايين من الناس من نحو 75 مرضاً سجّل حتى الآن في فعالية زرع دم الحبل السري للمريض وإتمام علاجه، وغالبيتها من الأمراض المزمنة أو المستعصية، وصولاً إلى عمليات التجميل للجسد المشوّه بالجروح أو الحروق نتيجة الحوادث. بعض البنوك الخاصة لها تاريخها في المصداقية واتباع المعايير المطلوبة، وبعضها لا تزال التساؤلات حولها، خصوصاً في بلدان الشرق الأوسط والخليج، كون هذه الشركات تعمد إلى إرسال العيّنات إلى الخارج لتجميدها وتخزينها، ما يطرح التساؤل حول كيفية التخزين بعد إجراء الفحوصات عليها وشحنها عبر المطارات وظروف حفظها، خاصة أن دم الحبل السري يجب أن يجمّد ضمن ظروف معيّنة، وبحرارة محددة قبل انقضاء 36 ساعة على استخراجه. تساؤلات عديدة طرحتها “الاتحاد” على أطراف متعددة لها علاقة بهذه الثورة العلمية، الجديدة خصوصاً أن لغطاً أثير حول إمكانية تمديد فترة حفظ دم الحبل السري بعد انقضاء السنوات الخمس والعشرين الأولى... فليس ثمة ما يثبت أنه بالوسع مضاعفة هذه المدة وليس ثمة ما ينفي ذلك، إذ أنَّ هذه التقنية عمرها ثلاثين عاماً، ولم يمض عليها الوقت الكافي لحسم هذا الجدل، على الرغم من أن عدداً من الشركات التي تمتلك بنوكاً لدم الحبل السري تروج لتمديد هذه الفترة، إذا رغب الوالدان بذلك بعد انقضاء 25 سنة... والبعض يراهن على التطور العلمي في هذا المجال الذي سيتيح بعد انقضاء 25 سنة التمديد لفترة مماثلة، وصولاً إلى المئة سنة! كيف يروّج لذلك ولا شيء مثبت إلى الآن. ما الفرق بين تجميد الحبل السري بشكل خاص لاستخدام العائلة المعنيّة، وبين التبرّع به لأي محتاج له، ولأي مريض تظهر الفحوصات المخبرية أن ثمة حدوداً مقبولة من التطابق تسمح بإجراء عملية زرع من دم الحبل السري للمانح إلى متلق سيتم إنقاذ حياته وسيتخلص من استخدام العقاقير والعلاجات الكيميائية المتعبة. ما هي الخلايا الجذعية؟ في عيادة الأخصائية في الطب النسائي الدكتورة سوسن عبدالله في مركز العلاج التشخيصي المتقدم “كيور” في أبوظبي، وفي غرفة الانتظار، بروشورات بتنا نجدها في عدد من عيادات الأطباء النسائيين، تشرح أهمية دم الحبل السري لعلاج الكثير من الأمراض. الدكتورة سوسن متحمسة للتطور في هذا المجال الذي يعتبر “ثورة علمية انكشف الكثير من فعاليتها، ولا يزال الطريق يعبّد لمزيد من الأبحاث والدراسات والنتائج حولها”. تشرح الدكتورة سوسن عن أهمية الخلايا الجذعية بعد تعريفها، مدخلاً لمعرفة مدى أهمية التبرع بدم الحبل السري أو تجميده للاستخدام الخاص. وتقول “إن الخلايا الجذعية (وتسمى أيضاً بالخلايا الأولية أو الخلايا الأساسية أو الخلايا المنشأ) هي خلايا لها القدرة على الانقسام والتكاثر وتجديد ذاتها لتعطي أنواعاً مختلفة من الخلايا المتخصصة specialized cells كخلايا العضلات وخلايا الكبد والخلايا العصبية والجلدية، أي من الممكن أن تعطي أي نوع من الخلايا لحالات الحروق والجروح، كما تستخدم في العمليات الجراحية والتجميلية. وهذه الميزة هي التي جعلت الأطباء والعلماء يهتمون بها، ويفكرون في استخدامها لعلاج العديد من الأمراض المزمنة والتي لا يوجد لها علاج شافٍ حتى الآن”. وتضيف “في مرحلة لاحقة من عمر الإنسان المكتمل من ناحية النمو، تقوم الخلايا بإصلاح الأنسجة التالفة واستبدالها بأخرى جديدة، مثل تجديد خلايا كريات الدم الحمراء، وتلعب الخلايا الجذعية دوراً محورياً في الحفاظ على صحة كل واحد منا، كما يمكن استخدامها في عمليات الزرع لإحياء الخلايا والأنسجة التي أصابها ضرر أو تلف، وذلك من خلال حفظ دم الحبل السري بعد الولادة مباشرة الذي يعدّ من أغنى المصادر للخلايا الجذعية”. وتؤكد وفقاً للأبحاث العلمية أن “الحبل السري يعتبر مصدراً للخلايا الجذعية المصنّعة للدم Hematopoietic stem cells وفيها كل ما يحتوي الدم، بدءاً من الخلايا الدموية البيضاء White Blood Cells المقاومة للعدوى، والخلايا الحمر Red Blood Cells الحاملة للأوكسيجين، إلى الصفائح الدموية التي تسهل عملية تخثر الدم بعد حدوث إصابة أو جرح ما”. بين الخاص والعام حين قابلناها، كانت الدكتورة سوسن عبدالله قد انتهت للتو من عملية ولادة لأم قصدت الحمل من أجل إنقاذ ابنها البكر، عبر منحه دم الحبل السري من الوليد الجديد... ومن هنا ترى الدكتورة سوسن في عملية تخزين دم الحبل السري في بنوك متخصصة ومعروفة على الصعيد العالمي، فرصة لإنقاذ المرضى في 75 نوعا من الأمراض ومنها المزمن والمستعصي. وبالإضافة إلى ذلك، تعمد إلى شرح عملية الفحوصات على دم الحبل السري والتخزين لتترك للوالدين فرصة الخيار التي قد تنقذ حياتهم أو حياة أحد أولادهم في المستقبل، وهي تعمل على سحب دم الحبل السري للراغبين، مشيرة إلى أنه يخزّن في الخارج من خلال شركات مرخّص لها في الإمارات، كما لفتت إلى المركز الحكومي في دبي التابع لمستشفى الوصل الذي أسس في العام 2006، على أنه أول بنك لدم الحبل السري في الخليج والعالم العربي. ورأت الدكتورة سوسن أنه لا بد من التوعية كي تتحوّل مسألة تخزين دم الحبل السري رائجة أسوة بالتبرع بالدم لأنها ستنقذ حياة الملايين. نشر الوعي الدكتور السيد عابد، مدير المختبرات في مركز دبي لدم الحبل السري والأبحاث في مستشفى الوصل، أشار إلى أن المركز هو الأول الذي بدأ العمل الفعلي على الأرض في تخزين دم الحبل السري في الخليج والشرق الأوسط، لافتاً إلى أن مركزا مماثلاً أنشئ في مستشفى الملك فيصل في السعودية، غير أن بداية العمل الفعلي جاءت مع مركز مستشفى الوصل الحكومي. ومن المهم الإشارة إلى أن هذا المركز يحفظ دم الحبل السري من دون أية تكلفة، ويمكن للمحتاجين إليه استخدامه في حال تطابق الدم بين المانح والمتلقي، وتبلغ تكلفة التخزين الخاص الذي يتم بطلب من الوالدين من أجل حفظ الدم لأولادهم، نحو 9 آلاف درهم إماراتي، تدفع ألفاً منها في البداية، ولا يدفع القسم المتبقي إلا بعد التأكد من صلاحية الدم لتخزينه. ويلفت إلى أن معظم الراغبين في تخزين دم الحبل السري يقومون بذلك من أجل استخدامهم الخاص، واستخدام عوائلهم، وبالتالي ثمة حاجة قصوى لتوعية الناس وإطلاعهم على هذه التقنية وأهميتها، كما على وسائل الإعلام المساهمة بفعالية في هذه المسؤولية، كي تتحول الموافقة على تخزين الحبل السري إلى ما يشبه التبرع بالدم في الحالة العادية... وهذا يستدعي بعض الوقت لتعميم هذا الوعي، ويقول “إننا نقوم بزيارة المستشفيات بمبادرات شخصية من أجل نشر الوعي حول أهمية هذا العلم، وهذه التقنية الجديدة التي تسمح بعلاج الكثير من الأمراض التي تعتبر مزمنة ومستعصية. نتأمل أن يصبح التبرع بدم الحبل السري في إطار المفهوم العام للعمل الخيري. وتؤكد الدكتورة سوسن عبدالله، : “حتى يومنا هذا، يتم الحفظ لمدة 25 سنة في معظم البنوك، ويمكن تجديد التخزين لمدة مماثلة مقابل مبلغ قليل من المال. تشير معظم الدراسات إلى أن العيّنة ممكن أن تكون صالحة لمدة 100-50 سنة، ولكن إلى يومنا هذا، يمكن القول أن 25 سنة هي فترة تخزين العيّنة، وقد تثبت التجارب صحة تمديد الفترة أو عدم صحّة تمديدها، فهذا يعود إلى التجارب والتطور العلمي فيما بعد”. كما تشير إلى أن ثمة جانباً مظلماً يرافق كل تطور علمي، وبحسب قولها “إن أي تقدم علمي أو تكنولوجي في أي مجال هو سلاح ذو حدّين، فقد يستغل البعض هذا التقدم العلمي للتربّح واستغلال الناس، وقد تقوم الشركات غير المتخصصة في هذا المجال بالإعلان عن إمكانية تخزين الدم من دون أن يكون لها سابق خبرة في هذا المجال، مقابل تقاضي مبالغ باهظة من الأهل، أو قد تقدم هذه الشركات المعلومات المغلوطة للأهل لإغرائهم والكسب من وراء ذلك”. وفي هذا المجال، تشدّد الدكتورة سوسن على دور الحكومات في العالم العربي في مراقبة الشركات الطالبة للتراخيص وفي وضع معايير مشدّدة لمنح التراخيص، مشيدة بما تقوم به الإمارات العربية المتحدة في هذا المجال، لا بل معتبرة “أن الإمارات هي الآن مؤهلة لقيادة المنطقة في العلاج بالخلايا الجذعية، وقد تم رصد مبلغ 60 مليون درهم لإنشاء مركزين، الأول مركز بحثي وعلاجي بالمنطقة في أبوظبي، وهذا المركز سيكون متخصصاً في إجراء العمليات الجراحية الكبرى لمرضى السكري والثلاسيميا بواسطة الخلايا الجذعية، إلى جانب تأسيس مركز علاجي آخر في دبي متخصص في العمليات التجميلية بمختلف أنواعها، خصوصاً لضحايا الحوادث بواسطة الخلايا الجذعية أيضاً، ناهيك عن المركز الحكومي الذي يضم تخزين دم الحبل السري ومركزاً للأبحاث”. ولفتت إلى أن العيّنات التي جمعت وخزّنت في المركز الحكومي في دبي تم استخدام 10 آلاف عيّنة منها في إجراء عمليات الخلايا الجذعية، وإلى أنه في الغرب، قد تلجأ المراكز البحثية إلى شراء أو إقناع الأهل بالتبرّع بدم الحبل السري للوليد إذا لم يلجأ الأهل إلى طلب تخزينه لاستخدامهم الخاص، وذلك من أجل إجراء البحوث عليه، أو للتبرّع به لمتلقين يحتاجونه للعلاج من أحد الأمراض التي تعالج بزرع الخلايا الجذعية. بدوره يشير دارين كيف، مدير شركة “سيلز فور لايف” Cells 4 Life لمنطقة الشرق الأوسط والخليج، إلى أنهم يجددون الترخيص للعمل في الإمارات من وزارة الصحة، ويرسلون العيّنات التي يطلب الأهل تخزينها خارج الدولة إلى بنك الشركة في بريطانيا. ويقول “إن الجهات الرسمية في الإمارات، المعنية بالموضوع، تطلب معايير معينة لمنح الترخيص، كما أن شركتنا مصرّح لها من سلطة الأنسجة البشرية في بريطانيا، ونعتبر جهة معروفة في مجال تخزين دم الحبل السري على المستوى العالمي”. وعن مدة التخزين، يشير إلى أنها في البداية تمتد لـ 25 سنة، في عقد قابل للتجديد لأنه، كما يقول: أعتقد أنه بالوسع تمديد الفترة لتصبح 50 سنة وصولاً إلى المئة سنة”. ويعتبر دارين كيف أن تخزين دم الحبل السري نوع من التأمين على الحياة، فهي فرصة لعلاج أكثر من 75 حالة مرضية وقد تم إجراء نحو 25 ألف عملية زراعة للخلايا الجذعية المستخرجة من دم الحبل السري، وبالتالي فإن العلم ككل خيار بالوسع الأخذ به”. ويوضح دارين كيف أن الفترة التي تستغرق الشركة لنقل الدم بعد سحبه من دم الحبل السري إلى بنك الشركة في بريطانيا من 16 إلى 22 ساعة كحد أقصى، وبالتالي فإن الدم المبرد بأكياس تحوي مواد كيميائية مبرّدة (كيس التبريد لدى الشركة حرارته تتراوح بين 2 و8 درجات) يصل إلى البنك في بريطانيا قبل الفترة المطلوبة لتجميده، وأشار إلى أنهم لا يجرون الفحوصات المخبرية على الدم في الإمارات إنما يكتفون بإرساله، وهم ملزمون قانونياً بإبلاغ الأهل بنتائج الفحوصات، فيرسل البنك من خلال الشركة تقريراً مفصلاً للأهل. أما النسبة التي يتم رفضها من العيّنات، فيرى دارين أنها نفسها في الإمارات وقطر والسعودية والعالم أجمع، وهي تتراوح بين 3 و7 في المئة، بمعدل متوسط 5 %. ويشير إلى أنه على البنك أيضاً إبلاغ الأهل في حال وجود مايكروباكتيريا انتقلت إلى الدم خلال سحبه من الحبل السري، على الرغم من أن البنك بوسعه إيقافها، إنما يتحتم عليهم إبلاغ الأهل بالأمر. الجوانب العلمية تتحدث الدكتورة سوسن عبدالله عن بداية الاهتمام بدم الحبل السري بديلاً عن نقي العظم، وتقول “ظهر أول دليل على إمكانية الاستفادة الطبية من دم الحبل السري (حبل السرّة) في العام 1972، وتم ذلك عن طريق إعطاء مصاب بابيضاض الدم (اللوكيميا) عمره 16 سنة دم الحبل السري بالتسريب الوريدي Infusion، وبعد مرور أسبوع واحد وجد أن دم المريض يحتوي على خلايا حمراء منشأها الخلايا الجذعية للمانح. وفي العام 1980، بدأ التفكير والمقارنة بين الخلايا الجذعية ونقي العظم المنقول، ولم يتم التأكد من ذلك إلا في العام 1989 عبر التوضيح أن دماء الحبل السري تحتوي على كمية الخلايا الجذعية نفسها الموجودة في نقي العظم. وأجريت في العام نفسه أول عملية نقل للخلايا الجذعية من حبل سري إلى طفل مصاب بمرض وراثي اسمه الأنيميا الفانكوني Fanconi Animia، عن طريق استعمال دم الحبل السري لأخته الوليدة. وتمت في العام 1991 أول عمية لنقل الحبل السري لطفل مصاب بابيضاض الدم المزمن (اللوكيميا)، وكلتا العمليتين نجحتا، وأدتا إلى ولادة آفاق جديدة في عملية نقل الحبل السري واستبداله بعملية نقل نقي العظم. وفي العام 1997، توصل العلماء إلى دليل أن اغتراس دم الحبل السري- حتى بين مانح ومتلق غير قريبين- هي أكثر أماناً من اغتراس نقي العظم”. ثورة طبية وتضيف “وبالتالي فإن المحاولات والدراسات حول دم الحبل السري منذ ثلاثة عقود، لكن التجارب والدراسات العلمية أخذت مجراها الجدي في العام 1995 في الولايات المتحدة الأميركية وفي العام 2001 في بريطانيا ثم في أوروبا في دول أخرى مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا، وتايوان وسنغافورة”. وعن لجوء بعض الأمهات للحمل من أجل مساعدة ولدهن المريض، تشير الدكتورة سوسن إلى أن ذلك يصح إذا كانت كمية الدم المأخوذة من الحبل السري أثناء عملية الولادة كافية ومحفوظة بطريقة جيدة. فإن كل متلقٍ محتاج إلى كمية محدّدة من الخلايا النووية. وتشير الدكتورة سوسن إلى أن كل مانح بوسعه مساعدة متلقٍ إذا توافر تطابق وبالتالي تصحّ عملية النقل، وتضيف “يجب أن يكون على الأقل هناك 4 من 6 HLA تطابق لأية عملية نقل. وحتى يومنا هذا، هناك دراسة تثبت أن أكثر من 20 ألف عيّنة تم نقلها من مانح غير قريب”. تشير الدكتورة سوسن عبدالله إلى أن هناك فوائد جمّة تأتت عن هذه الثورة العلمية الطبية في مجالات عديدة، فضلاً عن التأثير الاقتصادي على الدول والأفراد، حيث أنه يتوقع لدى نضوج هذا الميدان العلمي، أن تنعكس نتائجه بفوائد اقتصادية هائلة، إذ إن أمراض العتة الدماغية والسكتة الدماغية وأمراض القلب والسرطان والأمراض المزمنة الأخرى يمكن علاجها بالخلايا بدلاً من العقاقير. وإن صح هذا، فإن التوفير في تكاليف العلاج وتقليل إضاعة العاملين لأوقاتهم بسبب الإجازات المرضية، سيكون هائلاً حقاً”. وعن تطبيقات واستخدامات الخلايا الجذعية، تعرض الدكتورة عبدالله الآتي: “أولاً: استخدام الخلايا الجذعية فيما يعرف بالعلاج الخلوي Cell Therapy، حيث إن هناك العديد من الأمراض والاعتلالات التي يكون سببها الرئيسي هو تعطل الوظائف الخلوية وتحطم أنسجة الجسم، مما يوفر علاجاً لعدد كبير من الأمراض المستعصية، مثل الزهايمر ومرض باركينسون وإصابات الحبل الشوكي وأمراض القلب والسكري والتهاب المفاصل والحروق. ثانياً: المساعدة في معرفة وتحديد الأسباب الأساسية ومواقع الخطأ التي تتسبب عادة من أمراض مميتة مثل السرطان والعيوب الخلقية التي تحدث نتيجة لانقسام الخلايا وتخصصها غير الطبيعيين. ثالثاً: في المجال الصيدلاني: سوف تساعد أبحاث الخلايا الجذعية البشرية من تكوين وتطوير العقاقير الطبية واختبار آثارها ومدى تأثيرها. رابعاً: فهم الأحداث المعقدة التي تتخلل عملية تكوّن الإنسان. خامساً: التغلّب على الرفض المناعي”. تأمين بيولوجي تنصح الدكتورة سوسن كل شخص قادر على إجراء هذه العملية. إن الثورة العلمية في تطور سريع وكل شيء الآن طوْر الدراسات، ويمكن بعد سنين أن تصبح حقائق علمية بحتة. وبالتالي قد يفوت الأوان. إن تخزين دم الحبل السري هو بمثابة تأمين بيولوجي على الحياة، ولا يوجد أي ضرر يلحق الأم أو الطفل. وتشير إلى أن الدراسات الحديثة الآن أظهرت أن واحداً من كل 200 يحتاج إلى نقل دم الحبل السري. ورداً على سؤال حول وجود حالات يتعيّن فيها على بعض الأسر أكثر من سواها الإصرار على تخزين دم الحبل السري للمولود، تقول “بالطبع نعم”. ومن هذه الحالات تذكر التالي: ? العوائل التي لها تاريخ مرضي بالإصابة بالأورام السرطانية مثل اللوكيميا وغيرها. ? العوائل التي فيها أفراد مصابون بأحد أمراض الدم مثل الثلاسيميا وفقر الدم المنجلي وأشكال كثيرة من فقر الدم. ? العوائل التي عندها تاريخ مرضي بداء السكري وخاصة النوع الأول الذي يصيب الأطفال. ? العوائل التي عندها تاريخ مرضي بإصابات عصبية. ? في مشاكل ومضاعفات الحمل. فترة التخزين يرى الدكتور السيد أن الفترة التي يصلح فيها التخزين تتراوح بين 20 و 25 سنة فقط حتى الآن، معتبراً أن بعض الشركات لجأت إلى إطلاق وعود على الوالدين بإمكانية التخزين لفترات أطول قد تصل إلى خمسين أو مئة سنة، وذلك من باب التضليل. ويعرب عن اعتقاده أنه “لا يصحّ إطلاق وعود غير مثبتة علمياً بعد، لأن هذه التقنية لم يتجاوز عمرها الثلاثين سنة، وبالتالي لم تثبت التجربة والدراسات إمكانية دوام صلاحية الدم المخزن والمجمد لأكثر من ذلك، ولا يصح تحويل الترجيحات أو التوقعات إلى حقائق علمية تقوم معظم الشركات ذات الغاية الربحية في العالم بترويجها”. ويأسف السيد عابد لأن ظهور أي تطور علمي يرافقه مستفيدون تجار يعِدون الناس بأمور غير متحقق منها، ويقدمون معلومات مغلوطة. ويقول “إنها تقنية حديثة أولاً، وثانياً لا دراسات ولا تجارب أثبتت إمكانية ذلك... وبالتالي، نحن كجهة حكومية حريصون كل الحرص على توضيح هذه النقاط للوالدين، كما أنه ليس من أهدافنا الربح المادي لأننا نخزن من دون مقابل ولا يدفع إلا الراغب في تجميد الدم لاستخدام عائلته الخاص”. ويضيف “سمعت عن شركات تعد الوالدين بالكثير، وهذا مقلق فعلاً، كما أن الوالدين لا يعرفان بما آلت إليه العملية من نتائج مع البعض، ونحن نعلم أن الدم من الحبل السري قد لا يكون صالحاً في الأساس للتخزين ويجب إعلام الأهل بذلك، ولدينا نحو 2000 عينة مخزنة حالياً عامة وخاصة من أصل 2800، وبالتالي تم رفض نحو 20 في المئة من مجموع الدم المستخرج من الحبل السري”. ويشير إلى أن عمل المركز بشقيه البحثي والمخصص لاستخراج دم الحبل السري وتخزينه، يعمل على متابعة الأهل وتزويدهم بكل المعلومات العلمية المفيدة وبالتقرير المعد من تحليل الدم ومدى قابليته للتجميد، كما نتابع الطفل وصحته بعد الولادة بستة أشهر. ويعبر عن دهشته من إرسال عينات للتخزين في الخارج، لأن الطقس في الإمارات حار في الأساس وليس بالطقس المعتدل، كما أن عملية نقل الدم لتجميده تستدعي إجراءات وفحوصات مخبرية وتقارير وإبلاغ الأهل، هذا بالإضافة إلى عملية النقل التي لا يكفي معها استخدام أكياس النيتروجين للمحافظة على برودة العيّنة، والوقت الذي يستغرقه نقل كل عينة على حدة. أهمية الإلزام القانوني إن ولاية نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية هي الأولى التي توقع مرسوم قانون يحتم توعية الرأي العام والعاملين في قطاع الرعاية الصحية حول أهمية الخلايا الجذعية المستخرجة من دم الحبل السري في علاج الكثير من الأمراض، وبموجب هذا القانون يتعيّن على دائرة الصحة في نيو يورك تطوير برنامج للتوعية العامة حول أهمية الاحتفاظ بدم الحبل السري في البنوك المخصصة لذلك بعدما أثبتت الخلايا الجذعية المستخرجة منه فعاليتها في علاج أكثر من 85 مرضاً، وتشير الدراسات إلى أن الكثير من الآباء والأمهات الذين يتوقعون ولادة طفل يملكون معرفة كافية بأهمية الخلايا الجذعية لكن 14 % فقط من هؤلاء لم يتلقوا التوعية اللازمة من أخصائيي العناية الصحية. عملية جمع الدم وتخزينه شرحت الدكتورة سوسن عبدالله من “كيور” لـ “الاتحاد” تفاصيل عملية سحب وجمع وتخزين دم الحبل السري، وعن عملية الجمع تقول: “أولاً: بعد أن يخرج الوليد إلى الحياة، لا يبقى على الأم إلا دفعة أخرى بعد عناء المخاض، ليستطيع الطبيب إخراج الحبل السري Umbilical cord، الذي كان يمدّ الطفل بالغذاء خلال فترة الحمل طوال الأشهر التسعة، وبعد ذلك يقوم الطبيب بقطع الحبل السري. ثانياً: يتم أولاً أخذ الحبل السري المقطوع (من 4 إلى 8 إنش) ومن ثم تنظيفه بمحلول مطهّر. ثالثاً: تغرس بعد ذلك إبرة تنتهي بكيس بلاستيكي (يشبه كيس الدم المتبرع)، يجمع الدم من الحبل السري المقطوع، وتترك لتملأ الكيس البلاستيكي عن طريق الجاذبية حتى يتوقف انتقال الدم. وبعد ذلك، تثبت المعلومات المطلوبة على الكيس، بعد أن يتم إغلاقه بإحكام، وتضع معظم بنوك دم الحبل السري بطاقة تعريفية لكل عيّنة code، وبذلك تستطيع تأمين صلته بالمانح لفترة تمتد لعدة سنوات. رابعاً: تستغرق هذه العملية من دقيقتين إلى أربع دقائق. خامساً: بالإضافة إلى دم الحبل السري، يتم سحب أنبوبتين من دم الأم”. وعن عملية التخزين، شرحت: أولاً: بعد أن تكون عملية نقل الدم إلى بنك دم الحبل السري قد تمت، تجرى الفحوصات اللازمة عليه للتأكد من خلوّه من الفيروسات والاعتلالات الجينية، ويتم كذلك التأكد من صحة المولود للتأكد من خلوّه من الأمراض الجينية والجرثومية، كما يتم التأكد من التنميط النسيجي tissue typing، وتستغرق عملية مطابقة دم الحبل السري من 3 إلى 4 أيام فقط. ثانياً: يتم بعد ذلك حفظ الدم في ثلاجات خاصة في ظروف ودرجات حرارة خاصة، قد تصل إلى 196 درجة مئوية تحت الصفر، وفي النيتروجين السائل، وتتم عملية التجميد هذه خلال 24 ساعة فقط من أخذ الدم. ثالثاً: بعد أن يتم تخزين الدم والتأكد من صحة المولود والتأكد من صلاحية الدم من الناحية الصحية، وبالتالي التأكد من إمكانية استعماله، يصبح بالوسع استخدامه في حال طلبه من قبل شخص محتاج إليه، حيث يخرج الدم من الثلاجات ويعامل معاملة خاصة لاستخراج المادة المطلوبة للقيام بعملية زراعتها في جسم المريض، وربما تجرى عليه عمليات خاصة للإكثار من الخلايا الجذعية وتنميتها (لكون هذه الخلايا محدودة العدد في دم الحبل السري)”. وتشير الدكتورة سوسن إلى آلية عمل هذه البنوك، فهناك “بنوك تقوم بشراء هذا الدم للاستفادة منه في بيعه لأشخاص هم بحاجة إليه، أو لإجراء التجارب العلمية عليه. وثمة نوع ثان من البنوك التي تقوم بأخذ مبلغ معيّن من الوالدين اللذين يودان جمع هذا الدم والاستفادة منه مستقبلاً في علاج وليدهم لو أصيب بأمراض في المستقبل. ويمكن حفظ هذا الدم أكثر من 20 سنة (حيث أثبتت هذه الخلايا قدرتها على مقاومة ظروف التجميد لسنين طويلة)”. أمراض قابلة للعلاج ما هي الأمراض التي يمكن علاجها حالياً؟ هنالك أكثر من 85 حالة مرضية (وبعض الدراسات تشير إلى 75 حالة فقط حتى الآن)، والتي من الممكن علاجها باستخدام الخلايا الجذعية، ومنها: الحالات اللمفاوية الخبيثة وأورام الدم. المايلوما المتعددة والاضطرابات الوراثية. وأدناه بعض الاضطرابات التي من الممكن علاجها باستخدام الخلايا الجذعية: 1- الاضطرابات المختلفة: الابيضاض اللمفاوي الحاد (لوكيميا)، الابيضاض النخاعي الحاد (لوكيميا)، ورم بيركت اللمفي (ليمفوما)، الابيضاض النخاعي المزمن (لوكيميا)، الابيضاض النخاعي اليافع المزمن (لوكيميا)، ابيضاض الوحيدات النخاعية اليافعة (لوكيميا)، الابيضاض اللمفاوي المزمن (لوكيميا)، متلازمة التنسج النخاعي الشحمي، ابيضاض الوحيدات النخاعية المزمن (لوكيميا)، فقر الدم المستعصي مع هبات زائدة أثناء التحول (أنيميا)، ورم أرومي عصبي، ورم لمفي غير مرض هودجكن (ليمفوما)، مرض هودجكن المستعصي (ليمفوما). 2- أمراض الدم: ثلاسيميا بيتا، نقص الصفيحات الخلوية المنواة أميجا، فقر الدم المنجلي (أنيميا)، فقر دم كوليس (أنيميا). 3- متلازمة فشل نخاع العظم: فقر الدم اللاتنسجي الحاد (أنيميا)، فقر دم بلاك فان- دايموند (أنيميا)، فقر دم فانكوني (أنيميا)، التليف النخاعي. 4- العيوب الخلقية للتأيض: ضمور المادة البيضاء اللأدرنالية، متلازمة الخلايا اللمفاوية العارية، مرض غونثر، متلازمة هانتر، متلازمة هيرلر، مرض كرابي، تنسج خلايا لانجرهانز، مرض التصاق كريات الدم البيضاء، تنخر العظم. 5- أمراض نقص المناعة: مرض الورم الحبيبي المزمن، نقص المناعة المتغير، متلازمة أومين، نقص المناعة المركب الحاد، خلل التكون الشبكي، مرض التشعب اللمفي.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©