في كل عام وعلى مدى واحد وعشرين دورة، تطل علينا أيام الشارقة المسرحية لتقدم الجديد من التجارب المسرحية المحلية، لتقول لنا وتحدد موقع المسرح المحلي في أي اتجاه يسير؟ وكيف يتعاطى مع الواقع الاجتماعي، كيف يرصده وينقده ويتلمس خفاياه ومواقع الخلل فيه وكذلك مواقع الجمال؟ كيف يجرب هذا المسرح على الصعيد الفني من أداء للممثلين على الخشبة، هل لا تزال الساحة تنجب أسماء جديدة من الممثلين أم إنها انكفت على الأسماء التي تعودنا عليها من زمن طويل؟ هل تحقق رؤية إخراجية جديدة، وأسماءً جديدة من المخرجين؟ هل هناك نص جديد ومختلف؟ وماذا عن الفنيين العاملين على الأدوات الأخرى الضرورية لكل عمل مسرحي؟ أحيانا تجيب “الأيام” عن هذه الأسئلة بتفاؤل عال وأحيانا أخرى بسلبية، لكن السنوات العشرين من دورات أيام الشارقة المسرحية قد أنجبت بالتأكيد تجارب محلية مهمة على مختلف عناصر الفعل المسرحي والمتمثل في المخرج والكاتب والممثل وكذلك الفنيين. لقد حققت الأيام على مدار كل تلك السنين الكثير بفضل تواصل المنافسة في أيام الشارقة المسرحية والإصرار عند عدد لا بأس به على المسرح كرهان وكهاجس وهدف يعتنق بجمال في هذه الحياة، إصرارهم الذي لم ينقطع ولم يتوقف عن ممارسة الفعل المسرحي سواء على صعيد الكتابة أو التمثيل أو الإخراج، وهذا ما أفرز عدداً من الأعمال المسرحية كان لها وجود مؤثر في المهرجانات الخليجية والعربية، والتي تعد ركيزة للمسرح الإماراتي يجب توثيقها والإصرار عليها، وأن تجرب وتستنسخ وتعاد بأفكار جديدة وممثلين جدد. مهرجان أيام الشارقة المسرحية الذي اختتم عروض دورته الحادية والعشرين السبت الماضي، قدم حسب متابعتنا اليومية في هذه الصفحة ولكل ما يكتب في الصحف الاخرى عروضا جيدة وكذلك قدم موهبة جديدة تمثلت في الطفل “أحمد الجرن” في مسرحية “عار الوقار” لمسرح دبا الحصن، وعودة الممثلة بدرية أحمد إلى المسرح بعد انقطاع عشر سنوات، كما قدم المهرجان من جديد ناجي الحاي الذي افتقدته أيام الشارقة المسرحية على مدى ثلاث دورات سابقة، كونه أحد الأسماء المسرحية المهمة والمؤثرة على صعيد الحراك المسرحي المحلي، وكان جميلاً أن يقول ناجي “عدت إلى المسرح كي اشعر بإنسانيتي” ليؤكد بذلك أن المسرح هو الباقي والفن والجمال هما الانعكاس الحقيقي لإنسانيتنا. ??? بقدر الشكر الذي نوجهه للشارقة لما تقدمه من فعل يحقق حضور المسرح في حياتنا، نتمنى كذلك أن تستمر بعض عروض مهرجان أيام الشارقة المسرحية في مختلف أنحاء الدولة ليس فيما اصطلح عليه “الموسم المسرحي” فقط، بل من خلال مبادرة من وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، بالتعاون مع المؤسسات الثقافية المحلية في كل إمارة.. وذلك لأن على وزارة الثقافة مسؤولية وطنية في دعم الفعل المسرحي، وما عروض أيام الشارقة المسرحية إلا أحد شروط هذا الدعم، حيث من الضروري جداً أن تنتقل هذه الاعمال في مختلف أنحاء الدولة، وأن تكون قريبة من الجمهور، وأن تخلق حالة مسرحية دائمة في الحياة، وأن يقدم لها الدعاية والتسويق على أحدث مستوى، لكي تحقق العروض ديمومة وتواصلاً لا ينقطع بين الفنان والخشبة، ذلك أن العمل الفني بحاجة دائما إلى ممارسة واستمرارية في العمل.. وإلا ينطفئ ويموت مع الزمن. saadjumah@hotmail.com