عندما حزمت الفوضى الخلاقة حقائبها، واشتد أزيز الرياح، واشتعل النباح، وناح من ناح، واستباح من أباح، صار من المعلوم أن تستنفر القوى الخفية، وأن ينبت ريشها، لتطير وسط الدخان، واللغط والرهط، لتنفذ مآرب أخرى، وتهش بعصا الحقد والنكد، ما خض وما اختبأ في جيوب المعاطف السوداء. كان الهدف بلبلة الأوضاع في البحرين وتعكير المياه فيها، كخطوة أولى تعقبها خطوات وشطحات، يتجاوز حدود هذا البلد العربي الشقيق العريق.. البحرين قفزة، وما بعدها قفزات وضربات، لهذا فإن هبّة درع الجزيرة ووقوف هذه المؤسسة إلى جانب البحرين لقيا الكثير من الاستهجان والاحتقان من قبل القريبين جداً، والأبعد قليلاً لأن استقرار البحرين، يقطع الطريق أمام الكثير من المطامع، ويفشل الكثير من المزاعم، ويردع الكثير من “سوء الفهم”، ويمنع انجرار المنطقة إلى حروب طائفية، شيَّد صوامعها منتفعون ومستفيدون من إثارة النعرات خارج الحدود، وإشعال النيران في التضاريس البعيدة، حماية لطُقم جنّدت نفسها فقط، للتجارة في القيم، والعبث بالمبادئ، وخلق أجواء فوضوية في أنحاء العالم، كي تستقر الكراسي التي يتربع عليها أصحاب الشعارات السوداوية، والنظرة الانتحارية البغيضة.
رفض هؤلاء دخول قوات درع الجزيرة أراضي مملكة البحرين، واعتبروا ذلك تدخلاً في شؤون الغير، فلطموا الصدور، وهيَّجوا المشاعر، ونعوا الحسين على أرض البحرين، وتابعوا ما يجري على هذه الأرض العربية، والتي هي جزء لا يتجزأ من دول مجلس التعاون، وأن ما يشينها يشين أهل الخليج العربي، وما يحيق بها، يعتبره أهل التعاون الخليجي أمراً جللاً، لابد من مواجهته لأن المصير واحد، كما هي التضاريس والتاريخ. ويجب أن يفهم الذين يحكمون الناس بشريعة الطوائف والمِلل، بأن الأوطان تجتمع فيها الألوان والأعراق، تحت سقف واحد، هو الدستور الذي يعطي المواطنة لكل من يقدم الوطن على الطائفة، والجميع، ومن هم من صلب الوطن، وترائبه، سواء في حكم القانون.
ولا توجد دولة في العالم تصطفي الجنس البشري، ولا توجد بلد منتخبة من دون الأمم، بجنس آدمي، لا لون له غير الصفاء الجيني، ونأخذ بجارتنا الكبرى إيران، التي تضم العرب والعجم، والسنة والشيعة، وديانات أخرى لا تعد ولا تحصى، لكننا عندما ننظر إلى المواطن الإيراني فإننا بعين المواطنة لبلده إيران، ولا يهمنا إن كان سنياً أو شيعياً أو غير ذلك، لأن الوطن هو الأرض، وما تحيطها من سماوات، ولا غير ذلك أبداً.. لذلك، لن يقبل أهل البحرين، أن يوضعوا في المقاييس الطائفية، ومعهم أهل الخليج العربي بقلوبهم وقوالبهم، لأن البحرين دلمون التاريخ ودانة الجغرافيا، لن تتنازل عن عراقتها العربية، لهواجس طائفية بغيضة لا تُسمن غير الانتهازيين من نخبها.


marafea@emi.ae