الشعب الفرنسي يعاني من اضطرابات في النوم، لذا اعتبرتها فرنسا أنها مشكلة قومية، فخصصت لها 35 مليون يورو لدراسة هذه الحالة، وإيجاد الحلول لها، وتحسين ثقافة النوم عند المواطنين الكرام، والتدريب عليه منعاً لأرق الشعب الفرنسي الأبي، فسمح وزير الصحة للموظفين العموميين والخصوصيين بأن يأخذوا 15 دقيقة، كغفوة سريعة، تعتبر بمثابة قيلولة خلال أوقات العمل الرسمي، ولن يلام أحد على ذلك، لأنها مفيدة للصحة العامة، وتجدد النشاط، وتزيد من ساعات الإنتاج “الكيفي” بعد أن يكون المواطن الفرنسي كيّف وتكيّف من تلك الإغماضة الجميلة والتي تأتي دون استئذان، مثل هذا القول كان ينادي به آخر الرؤساء التاريخيين ميتران، أنه لا بد من عشر دقائق في وقت الظهر، ولو اضطررت لها أيها الإنسان واقفاً، كما تنام الخيل أو الصافنات الجياد.
لاحظوا كيف تهتم الأمم بإنسانها، وكيف تقلق من أرقه، ولأنها تريد لحضارتها الإنتاج والرقي، تظل تفكر في نومه، في حين نحن العرب، إن شاء الله ما نام المواطن الغلبان، أقول لكم أحياناً إن رأت بعض الحكومات مواطنها فرحان أغضبته، وإن رأت مواطنيها نياما أيقظتهم بفزع أو على خبر لا يسر بل يضر، وبعض الحكومات إن رأت الشعب كالبهائم نائم، فرحت وسعدت وقالت ان الأمن مستتب، وبالمقابل الإنسان العربي نفسه ما يقصر، تجد الواحد منهم، نائم نومة أهل الكهف، ولو سحب الواحد منهم بسلاسل لينهض من رقدته، فلن ينهض، وكأنها رقدته الأخيرة، لكن في الآونة الأخيرة صحت الشعوب العربية من سباتها، ورفضت أن تنام إلا في الميادين العامة وساحات التحرير.
النوم عند الشعوب مشكلة مقدسة، وبعضهم اخترع لها الأمثال، ومن الشعوب العاشقة للنوم وخاصة في الظهر العرب والأفارقة والصينيون والهنود والمكسيكيون والإسبان الذين يقدسون القيلولة أو “سيستا”، والتي كانت من المشكلات التي عرقلت دخول إسبانيا إلى الاتحاد الأوروبي، لأن الإسبان ورثوا نومة القيلولة عن العرب، وصدروها لأمريكا اللاتينية، وما زالوا متمسكين بها، والألمان لا يعجبهم مثل هذا الأمر، فالواحد منذ نهضة الصباح الباكر وحتى موعد شرابه من جعة الشعير البافارية مساء في كأسات تشبه البراميل الصغيرة، لا يغمض للواحد منهم جفن أو يتثاءب على الإطلاق، فكل الساعات للعمل، وللنوم موعد محدد، الاسبان المتحمسون لدخول السوق الأوروبية، عاندوا في البداية وركبوا رؤوسهم، وقالوا وداعاً لفوالة الضحى وثرثرتها، ووداعاً لنومة القائلة، لكنهم ما لبثوا أن تركوا السوق الأوروبية مفتوحة، وعادوا لقيلولتهم.
الصينيون بعدما يأكلون مما كتبه الله لهم من دواب الأرض وخشفها، يربط كل واحد منهم منامته على جذع شجرة أو تحت حديد الجسور، وينام معلقاً في الهواء، في حين الشعوب المنتجة لا الخاملة الهاملة، لا تعرف معنى لكلمة تصبح على خير!


amood8@yahoo.com