خطوة تعني نكران الذات، وروح القيادة، التي تضع الإنسان في مقدمة الأولويات، وفوق كل اعتبار.. هذه هي دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي للمهنئين بمناسبة توليه مقاليد الحكم في دبي، وتخصيص ميزانية التهاني للجمعيات الخيرية.
لا ترتقي المجتمعات، ولا تنهض، ولا تسابق السحاب في هطول الخير، إلا بتبوؤ قيادتنا مراتب العلا في الحس الوطني والانتماء، إلى كل الشرائح والفئات، وتلمس حاجاتها ومقتضياتها، وما يشغل بالها ويقلق حالها.. دعوة محمد بن راشد هي دعوة عامة للناس أجمعين، لأن يفكروا في المحتاجين والمقعدين، ومن أصابهم العوز، وأعجزتهم الفاقة.. دعوة محمد بن راشد بيان لاتساع الحلم، وتبيين لعظمة الآمال التي يبنيها سموه على كل فرد من أفراد المجتمع دون تمييز أو استثناء، فعندما يدعو سموه إلى توجيه ميزانيات الإعلانات عن مناسبة تولي سموه مقاليد الحكم في دبي، إنما يرمي بذلك إلى النهوض بفئة، والوقوف إلى جانبها، ولكن الأيدي سخية، من أجل تكافل أعم وتكاتف أشم، يعيد للإنسان كل إنسانية، حقه في العيش، هانئاً قرير النفس لا تنقصه إعالة، ولا يرهقه فقدان أب أو أم أو عائل، دعوة سامية تعبر عن شفافية الرؤية، نقاء الطوية، وعظم الذات التي نشأت في ظل واحة اسمها الإمارات.
إمارات الخير التي أنجبت زايد وراشد، جديرة بأن ترفد حياتنا بقيادات نافذة، تنجز مشاريع الإمارات المستقبلية بكل إتقان واتزان، وتضع الإنسان في أعالي الغصن.
عندما تلامس أعيننا مثل هذه الأخبار، فإننا نشعر بأن سفينة الإمارات ماضية في النث، والبث المباشر وبلا رتوش أو خدوش، والإعلان صراحة عن صحتها وقوتها، وبراعتها، في صناعة الحلم، منشغلة بالإنسان مهمومة بهواجسه لأنه البنيان الذي يسور أعطاف الوطن، ويقصده وتحميه من أي شر وغدر.
دعوة تجعلنا أمام اختبار واختيار صعب، لأنها دعوة تحمل في مضمونها، صرخة في ضمير الناس أجمعين، بأن يكونوا متلاحمين متلازمين، متداخلين يصنعون غدهم بالانسجام والالتحام، والتداعي كتفاً بكتف، وساعداً بساعد.. فبناء الأوطان لا يتم من فراغ، وإنما هو نتيجة فعلية لصلابة القيادة في صنع قرار الوئام الاجتماعي، وتداعي أبناء المجتمع تلبية لنداء الحق ودعوة الحقيقة.
ولا توجد فئة أحوج من فئة الأيتام، إلى الدفء والحنان، وتعويض ما انكسر في الوجدان، وإعادة ترتيب مشاعرهم، بتوفير كل ما يحتاجونه وما يمنع عنهم الإحساس بالفقدان، وما يمنعهم من مد اليد إلى مخابئ في معاطف غيرهم، في صورة تشين السلوك، وتسيء إلى المجتمع، وتفرز فئة تتلون بألوان غير ألوان القيم الاجتماعية التي نشأ وتربى عليها أفراد المجتمع.


marafea@emi.ae