دمج المعاقين في المدارس الحكومية، بلا شك، خطوة فيها من التقدير للجانب الإنساني الشيء الكثير، ولا يختلف اثنان على أهمية توفير البيئة المثالية للمعاق، ودمجه في المجتمع بقطاعاته وشرائحه كافة، ومن خلال النماذج، أكد بعض المعاقين قدرتهم على تقديم تميز وإبداع فائقين، وباتوا نموذجاً للتضحية والعطاء والبذل والعمل بجد وإخلاص، حتى بات بعضهم ينافس، من خلال أدائه وعطائه، الأسوياء.
وتولي دولتنا اهتماماً واضحاً بهذه الفئة من المجتمع، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ منه، يجب تفعيله والاستفادة من خدماته، وتنظر إلى المعاق على أنه جزء مهم من المجتمع، يجب عدم تعطيله، بل العمل على الاستفادة منه، بحسب ظروفه وقدراته، ومن هنا كان قرار وزارة التربية في الدولة بدمج المعاقين في المدارس، واتخاذها جملة من الإجراءات والتدابير لتسريع وتسهيل خطوات دمج المعاقين في المدارس العامة، والعمل على توفير فرص تعليمية أفضل لهذه الفئة، التي تحتل اليوم أولوية في عمليات تطوير القطاع التعليمي.
وعلى أرض الواقع، تقوم مختلف المدارس بالدولة، بترجمة هذه التوجهات من خلال العمل على دمج المعاقين، والتعامل معهم على أنهم شريحة مهمة يجب عدم تعطيلها، ومؤخراً أعلن مجلس أبوظبي للتعليم أنه نجح في دمج 616 طالباً وطالبة معاقاً في المدارس الحكومية خلال العامين الماضيين، وأن المجلس قام بتوفير أجهزة تعليمية للطلبة المعاقين بقيمة 14 مليون درهم، كما تمّ تجهيز جميع المباني المدرسية بالميسّرات البيئية، مثل توفير المصاعد والسّلالم المناسبة، وفي الشارقة تم دمج 24 طالباً وطالبة من المعاقين بالمدارس الحكومية مطلع العام الدارسي الحالي، بعضهم مصاب بالعمى، وبمشاكل نفسية وسلوكية، وببطء في التعلم بسبب الإعاقة الحركية والذهنية، وتوفر مدارس الشارقة 60 مقعداً للمعاقين في مختلف مدارسها، مجهزة وفق اشتراطات وزارة التربية،
وتواصلاً للجهود الحكومية بشأن دمج المعاقين، قررت وزارة الشؤون الاجتماعية السماح بقبول الأطفال المعاقين من سن 4 سنوات فأقل في دور الحضانة، التي تشرف عليها الوزارة، شريطة أن يتم تأهيل تلك الدور لاستقبال المعاقين، من حيث توفير المتطلبات، التي يستدعيها قبول المعاق، خاصة ما يتعلق منها بالبيئة والمشرفين المؤهلين والوسائط المساعدة.
إن تلك الإجراءات والجهود، تستحق التقدير والإجلال والتعظيم، ولكن لا بد من ضرورة مواءمتها ومواكبتها لاحتياجات ومتطلبات المعاقين، كي يكتمل العمل، ومن هنا لا بد من العمل على رفع مستوى مهارات الهيئات التدريسية والإدارية، وتوفير بيئة دراسية مثالية للمعاق، لإنجاح هذا الهدف النبيل، عن طريق دورات متخصصة، لإكساب العناصر البشرية أدوات التعامل الحديثة مع هذه الفئة من الطلبة، لتسهيل ودعم عملية دمج المعاقين.
كما لا بد من توفير متطلبات المعاقين من ناحية المباني المدرسية ومرافقها الخاصة، فالمعاق جزء لا يتجزأ من المجتمع، ودمجه ورعايته وتوفير الظروف الملائمة له وإتاحة الفرص أمامه للعطاء، استراتيجية مهمة كي يساهم في مسيرة البناء والنهضة التي تنتظم الوطن، وقبل ذلك حق أصيل من حقوق المعاق.


m.eisa@alittihad.ae