الجملة التالية وردت كتعليق على موضوع سياسي ورد في الصفحة الرئيسية لجريدة “الاتحاد” في طبعتها الإلكترونية صباح الأمس حول اقتراح بعض العراقيين اللجوء إلى الاخطبوط بول لمعرفة رئيس وزراء العراق القادم بعد أن عجز العراقيون عن تشكيل حكومتهم، والتعليق هو “بصراحه كرهت هذا الأخطبوط...!! شو رأي العراقيين أن يختاروا الأخطبوط رئيساً للوزراء ومره وحدة يخبرهم عن مستقبل العراق كله”! لقد أعجبني التعليق كثيراً كما لفت نظري، أكثر مما لفت نظري الاقتراح العراقي الخائب أو الذي يدل على خيبة شديدة في حقيقة الأمر!!
فهذه نهاية الخيبة فعلاً، منتهى اليأس والاحباط، أن ييأس شعب بمؤسساته ورجاله وسياسييه في اختيار حكومتهم بعد مضي أشهر طويلة وحين يلوح لهم الفرج فإنه لا يكون سوى اخطبوط، كائن رخوي بلا مخ وبلا عقل، وبلا عمود فقري حتى، ما يجعلنا نتذكر دروس العلوم في المدرسة الابتدائية التي قالوا لنا فيها إن الكائنات التي لا تملك عموداً فقاريا تقع في أدنى سلم التطور الحيواني، وإن الإنسان يتربع على قمة الكائنات المكتملة والراقية والمتحضرة بسبب عقله أولاً وبسجله الحضاري الكبير بطبيعة الحال، اليوم وبعد هذه المسيرة ينسى الإنسان كل ذلك ويلجأ إلى اخطبوط ليختار له رئيس حكومته، أليست كارثة أن يفكر أي إنسان بهذه الطريقة حتى وإن كان على سبيل المزاح؟
الخبر ليس مزحة مثلما أن تصديق البعض لتنبؤات الاخطبوط لنتائج مباريات المونديال ليست مزحة، فلقد اقترح عدد من العراقيين مؤخراً استخدام الأخطبوط الشهير “بول” الذي تنبأ بنتائج مباريات في كأس العالم بدقة، لينبئهم بهوية رئيس وزرائهم المقبل، حيث قال أحدهم “يمكن أن نستفيد منه حيث يمكن أن يخبرنا من هو رئيس وزراء العراق المقبل، بعدما نجح في توقع جميع نتائج الفريق الألماني في المونديال” نعم لقد سئم العراقيون من التأخر في تشكيل الحكومة التي يبدو واضحاً أن الكتل السياسية فيها لا تأبه لمعاناة الناس ولا حتى تفكر في قسوة الظروف الحياتية التي يرزحون تحت وطأتها منذ سنوات، ومع لا مبالاة الحكومة بأمر الناس إلا أن العراقيين يهمهم أن يعرفوا من سيكون رئيس حكومتهم بالتأكيد، ربما ليستعدوا لنوعية المعاناة التي سيكابدونها بحسب اسم شخصية الرئيس المقبل.
على العراقيين أن يأتوا بالأخطبوط إلى العراق لمعرفة من سيقوم بتشكيل الحكومة قبل أن يقتله الألمان هكذا اقترح مواطن عراقي، ما يعني أن الاخطبوط قد تحول من طبق طعام لذيذ إلى حالة أو فكرة خلاص بدأت تتسع وتنتشر بشكل يدعو للغرابة فعلاً، ما يجعلنا نتساءل كثيراً عن حكايته وقصته وأساسه، فهل الحكاية مجرد مزحة أم ترويج لفكرة معينة لم تتضح بعد؟ أم أنها مجرد مزحة بدأت صغيرة ثم تحولت إلى كرة ثلج لا يمكن إيقافها.
الألمان الذين تنبأ الاخطبوط بفقدانهم فرصة التأهل للمباراة النهائية أمام هولندا طالبوا برميه في حوض لأسماك القرش للخلاص منه بينما يطالب به العراقيون باعتباره فرصة خلاصهم الوحيدة بعد أن فشلوا في تخليص أنفسهم من ورطة الغرق في مستنقع الخلافات حول رئيس الحكومة، وهناك اقتراح آخر هو أن “يعيش الأخطبوط بشكل دائم في العراق لأن مشاكله كثيرة وربما سيحتاجه العراقيون مرة كل شهر بعد تشكيل الحكومة، ونخشى أن يقول أحدهم قريباً إن الاخطبوط هو الفرصة التاريخية الأكبر لحل أزمات تخلف العالم العربي.. ساعتها سنكون أمام خيار الاندثار التاريخي الحقيقي فعلاً.
عائشة سلطان | ayya-222@hotmail.com