يمكن وأنت في طريقك إلى عملك في صباح جميل بعد منام أجمل، وإفطار أحسنت أم العيال إعداده، تخرج وأنت سعيد، وتفكر بما يمكن أن تقدمه لزملائك بالعمل، لتدخل إلى نفوسهم البهجة والسرور، ولو دون مناسبة، والابتسامة بادية على محياك، أن يتحول ذلك الواقع السعيد فجأة إلى كابوس مخيف، ليرتفع بسببه ضغطك، وتخرج عن “طورك”، بسبب سائق غير مبال، لم يكترث بك ولا بطابور السائقين بمركباتهم من خلفك، والذين كادوا أن يستقروا جميعاً في صندوق سيارتك، لأن ذلك “الباشا” السائق المحترم تذكر فجأة أن عليه الانعطاف، ودخول أول فتحة على اليمين، فلم ير ضرراً ولا أي مشكلة في أن ينحرف من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، وهو ممسك بهاتفه النقال “الكحيان”، وكأن شيئاً لم يكن!
ومن الممكن أن ينحرف عليك سائق سيارة أجرة، ويعرضك لحادث قد يودي بحياتك، وحياة من معك، لأنه فجأة قرر تغيير وجهة سيره، والانعطاف من أقصى اليمين إلى اليسار، ودون أي إشارة منه، ودون انتباه، مخلفاً كارثة مرورية خلفه، دون أن يجد من يحاسبه!
قد ينشغل سائق سيارة، بالكاد تسير بضجيجها العالي، وأجزائها المهترئة، عن العالم من حوله، بمكالمة يسمع ما يدور فيها كل من يتوقفون أمام الإشارة الضوئية، ولا يأبه للإشارة التي أصبحت خضراء ولا يزال متحجراً في مكانه، منفعلاً ومندمجاً مع محدّثه، ولا يبدأ بالتحرك إلا عندما تحمّر الإشارة ، لتحمّر عيون من هم خلفه غضباً من عدم مبالاته!
سائقون يرون بنظرتهم الضيقة أنهم مميزون، ويعطون الحق لأنفسهم بتجاوز الآخرين، والسير على أكتافهم، ضاربين كل القوانين عرض الحائط، فيأتيك من أقصى اليمين، ويتخطى طابوراً طويلاً من السيارات التي تنتظر الإشارة الخضراء، ويحشر نفسه إما أمام حافلة تابعة لمكتب تأجير، أو أمام سيارة أجرة، ليجبره على المرور من أمامه، وكأنه يملك جزءاً من هذا الشارع.
سائق يفترض ألا يقود بالليل، فعدسة نظارته شبيهة بقعر زجاجة “البيبسي” القديمة، وأنوار الشوارع لم تكفه لرؤية الطريق، رغم أنها كافية للعب مباراة دولية في كرة القدم، فتراه يشعل الأنوار العالية وهو يقود في وسط المدينة.
سائقون لا يفقهون معنى السير بأقصى اليسار أو اليمين، فكل الحارات عندهم سواء، ولا يجد حرجاً في السير بأقصى اليسار وبسرعة لا تتجاوز الثلاثين أو الأربعين في شارع حدود السرعة فيه تتجاوز الثمانين، وكأنه يقول لك “إذا مب عاجبك اشرب من ماء البحر”.
السؤال من لهؤلاء ؟
لماذا لا تتعامل الشرطة معهم مثل تعاملها مع المسرعين ومتجاوزي الإشارات الحمراء، والمتهورين في القيادة؟ أليست القيادة بهذه الطريقة قيادة خطرة، وتهدد أرواح الآخرين؟
لماذا تعاقب الشرطة من يتجاوز دون إعطاء إشارة وتغض الطرف عمن يتسبب بحادث قد يودي بحياة إنسان؟

m.eisa@alittihad.ae