رسائل النصب الإلكتروني كثيرة ومتنوعة، خاصة تلك التي يرسلها أشخاص تعرف من خلال قراءتك لها أنهم جميعاً من أفريقيا (لصدفة واردة بطبيعة الحال) ومن دول محددة معروفة بديكتاتورياتها العسكرية الفاحشة الثراء (لاتسيئوا الظن فالصدفة واردة هنا أيضا)، والتي خلف أغلب رجالها نساء أو بنات– لاحظوا لايوجد رجل في الموضوع – يمتلكن ثروات هائلة يردن الحفاظ عليها بأية طريقة وذلك بنقلها من بنوك معينة إلى بنوك خليجية.
في كل الرسائل التي وصلتني احتفظ مرسلوها بقواسم مشتركة كالاسم الأفريقي الخاص الذي يتخلله اسم عربي أو إسلامي لضمان التأثير، ثم الحرص على الحديث معك على أنك مبعوث العناية الالهية الذي ستنقذ ثروة بملايين الدولارات وستأخذ نصيبك نقداً بمجرد الموافقة على استضافة هذه الملايين في حسابك الشخصي.
لم أفكر يوما بالرد على أية رسالة من هذه الرسائل مطلقا كما لم أكمل قراءة أي واحدة بعد قراءتي لأول رسالة منذ سنوات، والرسائل لم تتوقف حتى اليوم وأنا لم اتوقف عن محوها بمجرد قراءة اسم المرسل، ولا أدري أن كان هناك من صدقها لأنه من المؤكد أنها وصلت لآلاف غيري، لكنني لست متأكدة من طبيعة ردة فعالهم على أية حال، وإن كان النصب الغبي جداً واضح جداً ولا يحتاج لتدقيق وتفكير فكل الأمر يتلخص في الحصول على معلوماتك البنكية وبخاصة رقم حسابك لزوم السرقة وخلافه.
آخر أفكار النصب رسالة إلكترونية وصلت لبريد صديقتي تبشرها – لازم تبشرها بالتأكيد – بأنها فازت بمبلغ 500000 دولار (نصف مليون دولار يعني) مع بطاقتي فيزا وسحب إلكتروني تم استصدارهما باسمها كما هو واضح من المرفقات التي أرسلت، وبأنها ستستلم البطاقات عبر البريد السريع أما المبلغ النقدي فيرسل لها وستتمكن من سحبه من أي بنك في بلادها بمجرد وصول البطاقات، ولكن !!
السر كله في الـ “لكن” هذه، لأنها كي تتسلم الجائزة الكبيرة والبطاقات الجاهزة والصادرة باسمها الثلاثي ما عليها سوى أن تتحمل أجرة الشحن والتأمين، 295 دولارا أميركيا فقط، وهي أجرة زهيدة وتافهة لمن أراد أن يحظى بالنصف مليون دولار.
البنك المذكور حسب الرسالة وحسب العنوان الذي تم إرساله من أجل تحويل مبلغ التأمين يقع في بانكوك، ولا نعلم كيف أمكن لهم معرفة عنوان شخص في الإمارات بكافة تفاصيله مالم تقم هي بتعبئة نماذج تصل عبر البريد أحيانا وتكون وسيلة للسطو على بيانات الأفراد دون أن ينتبهوا !!
في نهاية الأمر لا يمكن لشخص عاقل أن يصدق بأنه فاز في سحب لم يشترك فيه، أو أن الجوائز النقدية من نوع نصف مليون دولار يمكن أن تأتي بهذه السهولة ومن أين؟ من بانكوك ؟ خاصـة أننا نشترك منذ سنوات في سحوبات الجمعية التعاونية لكننا لم نفز يوما بخلاط عصير قيمته 150 درهما، إذاً فهو نصب بمنتهى الغباء في الحقيقة، لكنني متأكدة أن هناك من سيبادر إلى إرسال الـ 295 دولارا أجرة الشحن والتأمين وهؤلاء لن يكونوا في الإمارات فقط فالرسالة سترسل حتما لملايين حول العالم، ويكفي أن يصدقها بضعة آلاف ليحصل صاحب مشروع النصب على الملايين ببساطة جداً.


ayya-222@hotmail.com