الليلة .. يسدل الستار.. وتودع القارة الأفريقية، ومعها نودع شهراً من المتعة، تعلقت أبصارنا خلاله بجنوب أفريقيا، تتابع كل شيء.. المنتخبات واللاعبين والجماهير وبلاتر والفوفوزيلا وجابولاني.. كل التفاصيل كانت حاضرة بيننا.. تلك هي كأس العالم.. شهر للعالم.
الليلة، يلتقي الإسبان مع طواحين هولندا في نهائي مميز وبنكهة خاصة لبطولة المفاجآت على الأرض السمراء.. المنتخبان استحقا الوصول للمباراة النهائية، وبقي أن يتوج أحدهما للمرة الأولى في تاريخه فارساً للكرة الأرضية، لينضم إلى عظماء البطولة الذين سجلوا أسماءهم بحروف من نور في التاريخ الكروي.
الليلة، ستسجل القارة الأوروبية رسمياً تفوقها على أميركا الجنوبية، فإذا كانت البطولات الـ18 السابقة قد ذهبت بالتساوي حتى الآن، بواقع تسع مرات لكل قارة، فالليلة، وحين تبيت الكأس في القارة العجوز، ستعلن علو كعبها رسمياً في انتظار المونديال المقبل بالبرازيل، حيث ستكون الفرصة متاحة أمام منتخبات أميركا الجنوبية لاستعادة الزمام من جديد، إذ لم يحدث في تاريخ المونديال أن تفوقت منتخبات أوروبا على أميركا الجنوبية في عدد مرات الفوز بالمونديال سوى في بطولة عام 1938 حين توجت إيطاليا باللقب للمرة الثانية على التوالي، مقابل مرة للأوروجواي التي عادت عام 1950 وعادلت الرقم، قبل أن يتفوق الألمان لأوروبا من جديد عام 1954، وبعدها خطت البرازيل بالكرة اللاتينية للتفوق على أوروبا، ببطولتي 58 و62، وبعدها بات مطمح الأوروبيين أن يلحقوا بأميركا الجنوبية التي كانت تتقدم أولاً ثم تعادلها القارة العجوز، وظل ذلك هو النمط السائد حتى البطولة السابقة، حين تعادلت إيطاليا لأوروبا بتسعة ألقاب لكل قارة، واليوم تتقدم أوروبا 9/10، في انتظار القادم. والليلة، لن يكون لتاريخ المنتخبين، الإسباني والهولندي وجود، فللنهائيات الكبرى حساباتها وتاريخها الخاص، لاسيما أنها المرة الأولى التي يلتقي فيها المنتخبان في هذه المحطة التاريخية، بعد 90 عاماً من اللقاء في نهائي بطولة رسمية، وكان ذلك في نهائيات منافسات الكرة بأولمبياد انتويرب عام 1920 وفازت اسبانيا حينها بالثلاثة، وبفضية البطولة، التي كان اللقاء عليها، ولكن الزمن تغير، وعلى الرغم من أن الأفضلية لدى الكثيرين- ومن بينهم «الإخطبوط» بول- للإسبان، إلا أن هولندا ليست بالخصم الذي يستهان به، كما أنها في مواجهات عدة وفي غير نهائيات فازت على إسبانيا وفي آخر ثلاث مباريات ودية، فازت هولندا مرتين وتعادلا في واحدة، وإجمالاً تواجه الطرفان تسع مرات، فاز كل منهما أربع مرات وتعادلا مرة واحدة.
وإذا كان الإسبان يسيرون في البطولة بنشوة المجد الأوروبي العام قبل الماضي، فإن الهولنديين أيضاً متعطشون للمجد، ويبحثون عن حلم طال انتظاره يعيدهم إلى دائرة الضوء. الليلة.. ستكون الشخصيات على المسرح العالمي أوروبية صرفة.. سنرى الحارس العملاق كاسياس، ورفاقه سيرجيو راموس وكارليس بويول وبيكيه وألونسو وتشافي هرنانديز وأنييستا وفيا في أدوار «الماتادور»، يقودهم المخرج المبدع فيسنتي دل بوسكي، وعلى الجانب الآخر، من المسرح سيقف فان در فيل ويوريس ماتييسن وجيوفاني وبومل وشنايدر واريين روبن وفان بيرسي، ومعهم سيكون الحكم الأوروبي هوارد ويب، وحين تضاء الأنوار ستبدأ المسرحية، وفي النهاية ستفصح الأرض الأفريقية عن الفارس الأخير، في انتظار الجديد بعد أربع سنوات.
كلمة أخيرة:
في النهائي.. حتى السامبا والتانجو والآزوري والديوك وكل من عداهم من الأباطرة القدامى.. سيتحولون إلى متفرجين في حضرة الأبطال.


محمد البادع | mohamed.albade@admedia.ae