يصادف أن نرى شخصاً واحداً ونجمع عليه نحن الثلاثة أنه شخصية سالبة عكس الموجبة أو شخصية سالبة الطاقة من المكان ومن أنفسنا، شخصية يمكن حين تراها تشعر فجأة بالوهن والضعف والانكماش على الداخل، وتسلب منك بعض قواك، وتتحول إلى شخص مختلف فجأة ولا تدري ما هو السبب، مثل هذا التأثير يحدث لكثير من الناس، ولا يجدون له تفسيراً مقنعاً، ولكن لو تمعنوا وتأملوا قبل وبعد رؤية بعض الأشخاص فسيدركون على الأقل جزءاً من الحقيقة، وهي حقيقة مثبتة وتعترف بها بعض الشعوب والحضارات في دول آسيا، بل يوجد أناس متخصصون في معرفة الطاقة السالبة والموجبة، فيطردون الأولى من البيوت ومن الأشخاص، ويحفزون الثانية، ورغم علمي بمثل هذه الأمور إلا أنني لا أعطيها بالاً، ولا أحب أن أتعمق فيها، فآخذها أحياناً وكأنها مزحة، ليست لها في نفسي صدى علمي أو تفسير له صلة بالمنطق، حتى أشارت لي زميلة أعدها مثل “محواث الضو” تظل هادئة ورقيقة وتشعرك أن الغريب يأكل عشاءها، وأن نسمة عابرة تطيّرها، حينما قالت: هل شعرتَ ما شعرت به؟ فقلت لم أنتبه، بماذا شعرتِ؟ قالت بتلك الطاقة السالبة التي أحاطت بنا، فلم أوافقها، فقالت توقف قليلاً، وخذ نفساً، وتذكر كم كنت مفعماً بالحيوية وتضحك، كما كنت أنا أفعل، والآن ماذا خيم علينا؟ فقلت ربما شعرنا بالتعب من المشي في معرض الكتاب والتوقف عند كل جناح، فقالت: لا، حاول أن تتذكر من صادفت قبل قليل، وسلمت عليه، وحينما ذهب ذهب بكل عافيتنا وطاقتنا، فقلت: لقد سلمت على الكثيرين، قالت: لست أمزح، مؤخراً كان شخصاً نعرفه، وشد على يدك بقوة، أخبرني هل أنت الآن مثل ما كنت قبل ربع ساعة؟ فقلت: لا.. وكلامك هذا ربما زادني تعباً، وفجأة تذكرت الشخص، فقد كنت أحمل عنه في النفس تعليقاً قصصياً من باب مشاغبات القاص الذي يعتقد أنه قادر أن يسبر النفوس ويستنطق صمتها، فضحكت وأخبرتها: يمكن فلان..
هو حينما أراه يشعرني أنه وحيد في الدنيا، وأنه مشروع يتيم أممي، بحيث لو عاش في نيويورك أو كابول هو يتيم.. يتيم لا محالة، وبضحك أعتقدت أن القصة انتهت، لكنها ظلت تعدد لي أسلاكه غير المرئية وكيف أنها قادرة أن تشحن كم من بطارية بقوة كذا فولت، وماكنة بقوة كذا حصان، وأشياء كهربائية وفيزيائية تضيق بها نفسي سريعاً، في تلك الليلة بقيت أتذكر تلك الشخصية، وأتذكر حضورها، وبت مقتنعاً أن تعليق القصاصين ليس من فراغ، وأن الرجل يلقي بكآبة عجيبة أينما يحل، ويشعرك بعد لقائه بالتعب والوهن والخمول يرعى جلدك، وأنك مذنب، وقليل الخير، وعاق لوالديك، فتذكرت المثل المصري “وشه يقطع الخميرة من البيت” أهههبّ!?



amood8@yahoo.com