نحن لا نفوز فقط لأننا نستحق، وإنما أحياناً قد تكون لنا الغلبة لأن المنافس جاهز للهزيمة، ومستعد لها، وليست لديه نزعة الفوز أو الانتصار، فمثلما يكون النصر لقوة صاحبه، يكون أيضاً لترهل أحد الطرفين، واستعداده للسقوط. هكذا كانت مباراة العنكبوت والجوارح في نصف نهائي كأس صاحب السمو رئيس الدولة.. نعم حقق الجزيرة مبتغاه وتأهل إلى النهائي بجدارة واستحقاق بعد أن هزم الشباب برباعية، ولكن العودة إلى مجريات المباراة تشير إلى سبب آخر لهذا الفوز العريض الذي ربما لم يتوقعه أكثر المتفائلين في صفوف العنكبوت ولا أكثر المتشائمين في صف الجوارح. المباراة عملياً، انتهت في 15 دقيقة من الشوط الأول، سجل خلالها الجزيرة هدفي التقدم، فكانا كفيلين بإنهاء الأمور ووأد الأمل الشبابي، الذي لم يعد له سند في الواقع، ولم يعد مقبولاً حتى في ظل حالة اللامبالاة وعدم تقديم ما يبرر الطموح بالتأهل إلى النهائي، والهدفان هما اللذان فتحا الطريق للرباعية، وكانا بالإمكان أن تزداد لو أن الجزيرة أراد، ولو أنه توقع من البداية أن يكون الشباب بهذه الحالة، ولكن لا هو ولا نحن توقعنا. هل رأيتم مهاجم الشباب محمد ناصر أو حارسه سالم عبدالله، وكيف كان الاثنان معاً عنواناً لحالة فريق بأسره بدا تائهاً من البداية، لا يعرف ماذا يفعل، ويتخبط في اتجاهاته، فلا يعرف هل يتحرك صوب المنافس أم يعود صوب مرماه، وكيف أن فلسفة الاثنين معاً، كلفت الشباب تلك الرباعية القاسية التي لا تنال من إنجاز الجزيرة، لكنها بالطبع تنال من قيمة وتاريخ الشباب. في مرات كثيرة، وحتى عندما خسر الجزيرة من سبهان في دوري أبطال آسيا، قلنا إن خسارة الكبار لا تكون هكذا، وسقوطهم يكون كبوة، ولا يكون ذريعاً، وهذا ما نقوله أيضاً للشباب، لأنه كبير، ووارد أن يخسر مثلما وارد أن يفوز، ولكن ما كان يجب أن يكون سقوطه بهذا الشكل، والسبب في هذه الأشكال التي نرفضها أنها تكون عنواناً لدورينا، ولا يجب أن يهتز العنوان دوماً من النقيض إلى النقيض، لأن ذلك معناه أننا لم ندرك الطريق بعد. أجـزم أن نـاصر وسالم، هما مـن أنهيا المباراة لصالـح العنكـبوت في أول 15 دقيقة، ففي الوقت الذي وجد محمد ناصر نفسه أمام علي خصيف منفرداً لم يحسن ترجمة الفرصة إلى هدف، ليأتي الرد من زميله الحارس سالم عبد الله الذي دخل مرماه هدف من تسديدة للبرازيلي باري هو نفسه لم يصدق أنها هدف، واستمر الوضع لينفرد أوليفيرا بالمرمى ويخرج سالم عبدالله دون داع وإذا به يستقبل الهدف الثاني «لوب» من فوقه، ولم تمض دقائق حتى عاد محمد ناصر وتهيأت له كرة أمام المرمى تباطأ في تسجيلها، ليعم الاستهتار من الخلف إلى المقدمة، ويرتكب الاثنان أخطاء تجاوزتها كرة الخمسينات، فما بالك في الكرة في القرن الحادي والعشرين، ولم يكن الاثنان سوى عنواناً لفريق يريد الخسارة أكثر من الفوز. مبروك للعنكبوت هذا الفوز الذي صعد به إلى النهائي، ووضعه في مواجهة الوحدة، لنكون على موعد مع نهائي ناري، تأهل له الفريقان على كتفي منافسين كبيرين، هما الوصل والشباب. كلمة أخيرة: طبيعي أن تحزن للخسارة، لكن الأكثر إيلاماً أن تكون أنت سببها. mohamed.albade@admedia.ae