كان الافتتاح الآسيوي أمس الأول، عبارة عن مشهدين متناقضين تماماً، فالأول تجسد في اللوحة الرائعة التي رسمها الأشقاء، وإذا كان إخواننا المصريون يعبرون عن انطفاء الفرحة بقولهم الشهير “كرسي في الكلوب”، فيمكن القول إن ما حدث في الدوحة أمس الأول كان تجسيداً لهذا المثل، مع فارق كبير، وهو أن الضوء لم يكن فقط “كلوب” وإنما كان نجوماً وأقماراً اختارت القدوم إلى سماء العاصمة القطرية الدوحة لتضيء سماءها ولتشارك في حفل الافتتاح المبهر والآسر والرائع الذي كانت مدته عشر دقائق فقط، لكنها كانت كافية لإبهارنا وإبهار العالم، وكان رسالة بأن قطر لديها القدرة على أن تبتكر وأن تلبس ابتكاراتها ثوب العفوية الرائعة. أما المشهد الثاني، والذي لم نكن نود أن يفسد علينا فرحتنا بالافتتاح، فتمثل في السقوط العنابي في المباراة الافتتاحية أمام المنتخب الأوزبكي بهدفين نظيفين، أظن أنهما كانا “مع الرأفة”؛ لأن الفريق الأوزبكي لو استثمر كل ما أُتيح له، ربما ضاعف النتيجة، ومعها ضاعف جراح أشقائنا القطريين. كان مشهد السقوط بعد لحظات من الفرحة الطاغية، كافياً ليولد بداخلك شعوراً مختلطاً لم أعشه من قبل بهذا الشكل، فلم أجرب أن يعتريني الفرح والحزن معاً، ولست أدري ما هو طعم “الكوكتيل” حين نصنعه من الاثنين، غير أن ما أعلمه أن الخواتيم هي التي تبقى، حتى لو كان الفاصل الزمني بين البداية الرائعة والنهاية الحزينة 90 دقيقة فقط هي عمر المباراة الافتتاحية. وبالرغم من كل ما يقال عن مسؤولية ميتسو عن الخسارة، وبالرغم من أن ميتسو نفسه أصر على أن يتحمل وحده المسؤولية، طالباً الابتعاد عن اللاعبين وتركهم “في حالهم”، إلا أنني ألوم اللاعبين بشدة، فهم في النهاية لاعبون ينتمون إلى أندية كبيرة، وبينهم أسماء لامعة ويمثلون صفوة وخيرة الكرة القطرية، وهم أيضاً يتدربون مع أنديتهم مع مدربين عالميين، ويشاركون في بطولات شتى، أي أن رصيدهم الكروي من دون ميتسو لا غبار عليه.. أما أن يظهروا أمس الأول بلا حول ولا قوة، وألا نرى منهم جميعاً تمريرة سليمة أو جملة “ملعوبة”، فهذا لا يلام عليه ميتسو وحده. لقد بدا لاعبو العنابي أمس الأول تائهين، ومشتتين، وتخيلت في بعض الفترات أنهم يلعبون في نهاية البطولة وليس في آخرها من حجم الثقل والبطء الذي يعتريهم، أو كأنهم ليسوا في حاجة إلى البطولة، غير عابئين بالجمهور الذي حضر لمؤازرتهم وتلون بألوان العنابي، وغير عابئين بالفرحة التي غمرت قطر قبل دقائق من مباراتهم مع منتخب أوزبكستان. بالطبع، ميتسو يتحمل معهم جزءاً كبيراً من المسؤولية، ويكفي أننا خرجنا من المباراة لا نعلم حقيقة الخطة التي لعب بها، ولكن لأن لاعبي العنابي هم أول المعنيين بقطر وبفرحة قطر، كان عليهم أن يحاربوا أكثر من ذلك، وأن “يأكلوا الملعب” إن لزم الأمر، حتى تكتمل الفرحة في ضربة البداية. عموماً، الخسارة تبقى إنذاراً للعنابي بحرج موقفه، وهو إنذار بمقاييس “ريختر” يرتفع إلى رقم كبير، لا سيما أن بقية فرق المجموعة لا يستهان بها، ولم يعد أمام أبناء قطر من خيار إلا الفوز، ليعودوا إلى البطولة وإلى حسابات التأهل وليحيوا البطولة المقامة على أرضهم وبين جماهيرهم. كلمة أخيرة من الإبهار إلى الإنذار.. يبقى الأمل قائماً في أهل الدار. mohamed.albade@admedia.ae