في مباراة أمس الأول، خطفني العبقري تشافي هيرنانديز نجم المنتخب الإسباني وقائد نادي برشلونة من كل ما عداه.. كان بالنسبة لي كل اللاعبين والملعب والمدربين والجماهير، وبالرغم من أن بويول هو صاحب هدف الفوز إلا أن تشافي صاحب النصر، فابن الثلاثين عاماً والكتالوني دماً ولحماً هو الطراز الأصيل لجيل إسباني هو أهل للتحدي، ويستحق النصر الذي تحقق على الماكينات الألمانية، بهدف قاتل يساوي كل أهداف ألمانيا في المونديال، وبالرغم من أن الكثيرين كانوا يرون أحقية ألمانيا للتأهل قياساً بأهدافها الـ13 ودفاعها القوي وعروضها المبهرة ومفاجآتها المدوية، إلا أنه لو لم يكن لدى الإسبان سوى هرنانديز لاستحقوا النصر والتأهل الذي جاءهم للمرة الأولى في تاريخهم.
هرنانديز الذي بدأ مسيرته الكرويـة وهو في الحادية عشرة من عمره بنادي برشلونة، كان في تلك المباراة التي حصل على لقب رجلها الأول، محور الأداء وفاكهة الأداء، والقلب النابض للإسبان، مثلما هو حاله في كل مبارياته، سواء مع البارسا أو في صفوف الماتادور، حين تتأمل ما يقدمه داخل الملعب تشعر كأنه رجل يملك 11 رئة، ومثلها أعين وأقدام، فهو لا يكل ولا يمل، بينما من يتابعه ويشاهده يصاب بالإجهاد والتعب، فاللاعب لديه ملكة في رؤية كل زملائه في الملعب حتى حارس المرمى.
هرنانديز تفوق على الماكينات التي تعطلت أولاً أمام عبقريته، قبل أن يتولى زملاؤه عملية «التفكيك» للخردة، حتى أن الجميع تعاطف مع الإسبان من أجل أن يستمتع بمشاهدة هذا المبدع، لأنه باختصار وبغض النظر عن أصحاب الملايين سيبقى تشافي أفضل لاعب في الوقت الحالي على وجه الأرض.
يلعب هرنانديز مع منتخب بلاده، متقلداً العديد من الأوسمة التي نالها طوال سنوات عطائه ويستحقها جميعاً، فهو الذي جعل لرقم 6 وزنه وتميزه تماماً مثل الرقم 10، وهو الذي يستطيع أن يلعب في أي مكان في خط الوسط سواء في الارتكاز أو خلف المهاجمين ليؤدي أكثر من دور بقوة واحدة، وهو الذي يشارك في المونديال للمرة الثالثة في مسيرته، وهو الابن البار للبارسا وتتجاوز شهرته في بلاده شهرة الرئيس.
هو الحاصل على لقب أفضل اللاعبين خلقاً من قبل الاتحاد “فيفا’’ لكرة القدم في العالم لعام 2009 ، من خلال “طريقته في اللعب الذكي”، واختارته لهذه المنزلة هيئة محلفين من 81 بلدا في جميع القارات.
أمام ألمانيا لم أرَ سواه، وقفزت كثيراً وكأنني أستمع إلى «وصلة طرب أصيل»، وأحياناً كنت كحال كثيرين غيري غير مصدق أن هناك كرة بهذا الشكل وإبداعاً بهذه الروعة.. كان يلعب.. لكنه ليس كغيره.. ففي أحيان كان يغني، وفي أخرى كان يرسم، ومرات كان ينظر إلينا، ويقول: هل تريدون المزيد؟
كلمة أخيرة
عندما يخلص اللاعب للوطن قبل الكرة، تخلص له الكرة، فنراها أكثر طواعية له، ونراه أكثر حباً لها.

محمد البادع | mohamed.albade@admedia.ae