في القاعة الفسيحة تسرج خيول المعرفة فكراً وعبراً وتمارس بشهوة العشاق شيمة الناس النبلاء، وبين الأغصان المنضودة يقف رجال هيئة أبوظبي للثقافة بكرم الأوفياء وحماسة النجباء، بقيادة المايسترو مدير دار الكتب الوطنية، مؤزرين بالطاقة الكامنة ولا حدود للتفاني والسهر، فرسان من هذا الوطن بخبرة خلايا النحل يعقدون الليل بالنهار متابعين، ملاحقين الحدث الكبير بتفاصيله وفواصله ومفاصله، مقتربين جداً من الضيوف بابتسامات شفيفة أشفى من الماء الرقراق، مدثرين المكان بدفء الحفاوة والترحاب مزملين السائل والعابر والسائر بين شعاب المعرض بكلمة جذرها في الأرض وفرعها في السماء محتفلين، محتفين بالوجوه بفرحة الأنقياء في محاريب الأمنيات الكبيرة..
وبين الأجنحة تطير “الدشاديش” البيضاء ملبية لسؤال مستجيبة لعلامة الاستفهام لمعشر وحشر لف لفيفه، فالتف الجميع في حلقات الذكر القويم بزهو المبتهجين، بروعة الوطن، ما يقدمه من منجز معجز مبهر ومزهر بأجمل آيات العطاء والسخاء..
أيام قلائل مرت في قاعات أرض المعارض في أبوظبي كان شباب هيئة أبوظبي فيها هم قادة الحلم الذين يطوقون أعنان الزوار بقلائد البذل وقصائد الترحيب بقلوب لا تكل ولا تمل ولا تكف عن احتضان أشواق الزائرين، فرسان وهبوا أنفسهم لإتمام فرحة الوطن بالعرس الكبير، فرسان جسدوا حب الوطن في تقديم العطاء، دون مِنَّه أو قنوط، يجتهدون بكل ما أمكنهم ويسخرون طاقاتهم بأقصى قدراتها ويسجلون للتاريخ معاني الحب ونكران الذات والوعي بأهمية تحويل الأحلام إلى واقع..
واقع الإمارات، وواقع أبنائها الذين ينجحون في كل موقع ويبدعون في صرح وينجزون بإتقان في كل ساحة ويبهرون في كل مجال ويزهرون ويزدهرون في كل محفل ومآل..
بهذا العرض وبهذه التظاهرة المعرفية الرائعة كان لشباب هيئة أبوظبي ملحمة الفرسان في ميدان الكتاب وفي ساحة العمل الوطني، ولأن معرض الكتاب في العاصمة أبوظبي أصبح اليوم علامة بارزة من علامات الفخر والاعتزاز فإن أول الفخر وأول الاعتزاز والإكبار والإجلال يجب أن نقدمه لهؤلاء الشباب الذين ما توانوا عن بذل النفس والنفيس لأجل إعلاء راية وطنهم وتشريف أهلهم وملء الغبطة في نفوس الزائرين الذين وجدوا فيهم القدرات الهائلة في إنجاح المهمات الكبرى وتقديم النموذج لكل من شاهد وتابع ووقف على سير العمل..
ولكن لكل فريق عمل لابد من قيادة تضع الحروف الأولى للجملة في أول السطر وآخره، وهيئة أبوظبي التي تحظى باهتمام بالغ ومتابعة سخية وتسخير كافة الإمكانات لإنجاح مهمتها المقدسة أصبحت نموذجاً لمؤسسة تؤسس فريقاً يعمل بوظيفة التضحية والتفاني وإنجاز كل ما هو مدهش ومعجز.


marafea@emi.ae