من وحي مناسبة احتفالات الكثير من البلاد بيوم الأم، إليكم هذه القصة الطريفة أولا :
يقال إنه في إحدى المدارس وبينما كان معلم اللغة العربية للصف الرابع الابتدائي يوزع أوراق الامتحان بعد أن صححها لطلابه، إذا بأحد طلابه يسأله: لو سمحت يا أستاذ أنا درجتي 8 من 10 وأنت لم تشر بعلامة خطأ أمام أي إجابة، فرد عليه الاستاذ أن درجتك في التعبير أنقصت منك درجتين، فقال إني اريد درجتي الكاملة، كان الطالب مصراً على أن يأخذ الدرجة الكاملة، فأراد الاستاذ أن لا يحرج تلميذه بإعتباره أحد الطلاب المتميزين في الفصل، فقال له إذا أحضرت “ تراب الجنة “ فلك الدرجة الكاملة كنوع من التحدي للطالب وللتخلص من إلحاحه، لكن الطالب دخل الفصل في اليوم التالي وبيده كيس تراب
فسأله المعلم : ما هذا ؟
فرد عليه الطالب قائلا: هذا تراب الجنة كما طلبت .
فقال المعلم: وكيف أحضرته؟
فرد عليه: لقد جعلت أمي تمشي على التراب ثم جمعته لك في هذا الكيس فأنت قد أخبرتنا أكثر من مرة أن “الجنة تحت أقدام الأمهات” !! فلم يستطع الأستاذ حيال فطنة تلميذه سوى أن يمنحه الدرجة الكاملة.
وبما أننا في قلب المناسب فإنني أسجل تعجبي واستغرابي ممن يمتعض ويعترض على هذا الاحتفال، مبرراً أنها تدخل في باب التشبه بالكفار، وهو مبرر غريب بالفعل، فما العيب في أن نحاكي تقليداً راقياً ذا مغزى عظيم كهذا؟ وإذا كان في المحاكاة والتقليد خطأ ديني معين – لا أعلمه – فلماذا لا نحيي اليوم باستحضار نيتنا الخالصة نحو أمهاتنا ونحو قدسية رمز الأم بشكل عام دون أن يعني ذلك بطبيعة الحال حصر الاحتفاء والوفاء بيوم واحد بكل تأكيد؟ إن الحضارة إنسانية الطابع، ونحن نعيش في عالم منفتح وبذهن منفتح لأننا نريد بناء نموذجنا الحضاري القائم على هويتنا وخصوصيتنا ولا بأس من التعرف والأخذ بما لدى الآخرين .
ليس في رمزية الاحتفال إنكار لمعلوم من الدين بالضرورة، بل العكس تماماً فاذا نحينا جانباً منطق المؤامرة والخوف من الآخر وسوء الظن، فإنه يمكننا أن نتذكر بسهولة أن الله تعالى قد قال «... وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ....» والتعارف يقود الى التعرف على ما عند الآخر والتأثر به والاستفادة منه، دون أن يمس ذلك جذر الدين بالتأكيد، إن الذين يعارضون بقوة وبكلمات قاسية فكرة الاحتفال بعيد الأم باعتباره تقليداً للكفار وهو ليس من الدين ينسون بأنهم يقلدون “ الكفار - حسب تعبيرهم –في كل شيء وفي كل أمر، فهل إذا أكلنا البيتزا مثلا نقلد الكفار وهل إذا لبسنا الملابس الغربية نقلد الكفار، وهل .... ؟
لقد ظلت والدة “آنا جارفيس” التي عاشت في غرب ولاية فيرجينيا تحلم أن يأتي شخص ذات يوم لينادى بفكرة الاحتفال بعيد الأم لأنه المناسبة الوحيدة التي ستنهى النزاع والكره الذي كان يملأ قلوب العائلات وقتها بسبب الحرب الأهلية، وعندما توفيت، أقسمت ابنتها “آنا” على تحقيق رغبة أمها، وبناء علي طلبها قام المسؤول عن ولاية فيرجينيا بإصدار أوامره بإقامة احتفال لعيد الأم يوم 12 مايو عام 1907، فكان أول احتفال لعيد الأم في الولايات المتحدة الأميركية، إلى أن وقع الرئيس ويلسون في 9 مايو عام 1914 إعلان الاحتفال “بعيد الأم” في الأحد الثانى من مايو في جميع الولايات .


ayya-222@hotmail.com