دخل أحد المواطنين محلا لشراء غرض في أحد الأسواق التجارية بالدولة، وبينما هو يتحدث مع البائع، تفاجأ بامرأة من إحدى الجنسيات، تتجه نحوه وتلقي السلام، ثم بدأت في شرح حالها وظروفها الصعبة، فزوجها توفي في بلده منذ سنوات، وهي تعيل 5 من الأطفال ولا تملك مصادر للدخل، وتعيش هنا في الإمارات، أرض الخير والكرم والجود، عندها ظن الرجل أن المرأة ستطلب منه شيئا من المال، فأخرج مبلغ 20 درهماً من جيبه، نظرت إليه وقالت: “لم تفهم قصدي، أنا لا أريد المال لكنني بحاجة إلى علبة حليب لطفلي الصغير من محل السوبرماركت المجاور”. شعر صديقنا بالإحراج، فترك محله ومشترياته واتجه إلى محل السوبرماركت مع تلك المرأة “ذات الحاجة”، فأخذ علبة الحليب، وقبل أن يتجه إلى موظف الحسابات، قالت له مهلا، “ياليت تأخذ لي (حفاظات) أيضا”!، ثم قالت: “أرجو أن تغنيني عن سؤال غيرك من الناس، وسردت سلسلة من الاحتياجات الأخرى، والغريب أنها أصرت على القول بأنها ليست متسولة، ولكنها محتاجة للطعام ولا حاجة لها بالمال الكاش. ازداد الشعور بالإحراج لدى صديقنا فأحضر “العربة” وحمّلها بأصناف مختلفة من الأطعمة واحتياجات المنزل، ودفع ما يقارب 500 درهم نظير تلك الاحتياجات، ظانا أنه يدفع هذا المال لمن يستحقه. خرج الرجل من محل السوبرماركت بعد أن شكرته تلك المرأة على موقفه “الشهم” واتجهت إلى سبيلها، فعاد إلى محله السابق الذي يبيع الملبوسات الرجالية، فوجد البائع يسأله عما حدث مع تلك المرأة، لكنه أفاده بأمر آخر، فتلك المرأة نفسها تأتي إلى محله كل يوم تقريبا، وتجدد طلباتها بالأسلوب ذاته على من تجده من المشترين، وفي كل يوم تخرج من محل السوبرماركت ومعها كميات كبيرة من البضائع، فالكل يظنها محتاجة لكنها في الحقيقة “محتالة” تستغل طيبة و”شهامة” الكثير من الرجال. ظاهرة التسول تأخذ أشكالا مختلفة، لكنها تظل في كل الأحوال طريقة لتكسب المال بطريقة غير مشروعة، فالنصب والاحتيال وإيهام الناس بالحاجة طرق سهلة تنطوي على الكثير من الأشخاص، ولا بد من محاربة هذه الظاهرة على كافة المستويات، بدءا بالجهات الحكومية ذات العلاقة، وانتهاء بالأفراد. الغريب أن هناك الكثير من الطرق لكسب المال، فبدلا من مد اليد والسؤال، يمكن لهؤلاء إنتاج سلع بسيطة وبيعها ليكونوا منتجين ونافعين للمجتمع، أو اتباع أي طرق عفيفة تؤدي للكسب، ولكن يبدو أن المال الذي يحصل عليه المتسولون يفوق بكثير ما يمكن أن يجنوه من أي عمل آخر، وهو ما يجعلهم يتحايلون ويبدعون في فنون الكلام واستجداء العطف ليحصلوا على المال أو على بضائع يستهلكونها أو يعيدون بيعها.. فلنحذر هؤلاء القوم. hussain.alhamadi@admedia.ae