في لغاتهم وأعرافهم وتقاليدهم العالمية، اليوم فقط هو يومك، اليوم فقط هو عيدك وفرحتك، وفي عرفي وقناعتي وتأكيدي كل الأيام لك يا سيدة الدنيا في عيني، كل الأيام أعياد وأفراح، كل الأيام أيامك أمي.. للوفاء في عينك وهج أعرفه، أستشفه مع دعاء الرضى من شفتيك كل صباح، مع البسمة الحانية تحتويني دوما، مع الأكف الطاهرة المرتفعة في جوف الليل بالتسابيح والأمنيات، معك يا أبهى النساء.. عرفتك طهرا يعبق أيامي، وأدركتك ظلا يحميني وهج الحياة، عشت أتعثر منذ حاولت الوقوف أول مرة في عمري، ولم تنته عثراتي لليوم، لكنك دوما كنت بنفس اللهفة تقفين بجواري وتحميني من السقوط.. كل أمهات العالم أنت، كلهن يحملن رائحتك الشذية، وعينك الحكيمة ولهفتك الحانية، كل أمهات العالم معك، حديثهن بين كلماتك، ونصائحهن على شفاهك، في قلبك حبهن يحتويني وعطفهن يغمر حياتي.. بدوية أنت بذات شجاعة العربيات، تصبحين شرسة قوية إذا هزت أبناءك الظروف، فلسطينية أنت لك من جَلد “الخنساء” إرث، تنجبين الشجعان ليغيروا الحياة، تونسية أنت ترضعين صغارك الكرامة، وتعلمينهم أن الإباء أغلى من الروح، مصرية أنت تلدين شباباً ذوي همة، يستطيعون بوقفة تعديل التاريخ، ليبية أنت صابرة مرابطة، تلقنين صغارك أن الموت لا يكون إلا بضربة في الصدر.. أنت خليط عربيات الأمة، رائحة العود الإماراتية توشيك، وهيبة الحكمة الخليجية تكسوك، وصمت العراقية يسودك، أنت أم الكون في عيني .. كل “مارس” يقيمون الأفراح في الدنيا، يبيعون الاحتفال بك، يرفعون شعارات الوفاء لك، لكن العمر سيدتي لا يكفيك ليكتمل بِرك وتكتفي أحاسيسي.. على عتبة حبك أقف، أستجديك رضا ودعاءً، أحاول الوفاء لامرأة وفت لأبنائها في زمن الجحود، لسيدة احتضنت صغاراً يتقافزون بعد رحيل شريك العمر، لامرأة علمتني معنى أن حب الدنيا، وقيمة الحرية، وثمن الحقيقة.. لامرأة أخبرتني أن الهمة لا تعرف عمراً وأن الأمل لا يحتاج لأكثر من بصيرة قلب.. أمي التي ربتني، ربت في داخلي طموحي وحشمتي وسموي وديني، أمي التي ربتني صغيرة علمتني أن أكون إنسانة، أمي تحتاج ألف عمر فوق عمري لأحتفل بها وأفرح، وأحتاج أنا أكثر من ثمانية وعشرين حرفاً هجائياً لأصوغ لها كلماتي، ويحتاج العالم أن تصبح السنة كلها يوماً للأم ليقول لها شكراً على عطائك..