نتائج أحدث دراسة لشركة عالمية للاستشارات حول استطلاع تكاليف المعيشة لعام 2010، والذي حلت فيه مدينة أبوظبي في المركز الـ 50 في قائمة أغلى مدن العالم، بينما احتلت دبي المرتبة الـ 55 مع مدينة لوس أنجلوس الأميركية. كان محل نقاش مع عدد من الأصدقاء، وليتجدد معه الحديث عن الغلاء وارتفاع تكاليف المعيشة.
وقد استوقفني قول أحدهم “هذا وما عندنا ضرائب، مب ملحقين على الغلاء؟!”. وبالفعل يستوقف المرء ممارسات بعض التجار والملاك، وهم يؤججون الغلاء، باستغلال أي تغيير في واقع السوق من أجل تمرير الزيادات التي يريدون فرضها في هذه السلعة أو تلك. وتلك النوعية من الملاك والتجار لا يرون أبعد من أنوفهم، بعدم إدراك للنتائج السلبية للغاية التي تتسبب فيها الزيادات في الأسعار لمختلف أنواع السلع، وبالأخص الاستهلاكية.
ولعل أبسط مثال على ما يجري هو الواقع الحالي في أسواق السمك عندنا، والذي يقع تحت سيطرة شبه تامة لتجار من جنسية معينة، حيث تختفي أنواع مفضلة من قبل المواطنين، أو تظهر بكميات شحيحة وبأسعار مبالغ فيها. والحجة جاهزة وهي ارتفاع أسعار الوقود وغيرها من الحجج. والمثال المذكور ينسحب على أسواق أخرى تحمل نزفا مرهقا للجيوب ومعها القلوب. ومنذ آخر زيادة لرواتب موظفي الدولة وقيام العديد من الدوائر والشركات العامة الكبيرة بإعادة هيكلة سلم الرواتب فيها منذ أكثر من عامين، وموجات الغلاء تتوالى. وكل طرف يلقي بالمسؤولية على الطرف الآخر. والنتيجة ارتفاع أعداد الأسر من محدودي الدخل التي أصبحت تعتمد على “الشؤون” أو الجمعيات الخيرية في مناطق عديدة من الدولة.
ومؤشر الأسعار اليومي والشهري والذي راهنت عليه دوائر الاقتصاد والوزارة في كبح جماح غلاء الأسعار ومراقبة الأسواق، ولكن العملية سرعان ما تخبو جذوتها وفقدت الحماس لها، بعدما اتضح أنها لم تغير شيئا من واقع الأمر، ومضى كل مورد يمرر الزيادة التي يريد بالصورة التي يريد في السلع، وبالأخص الضرورية منها.
والآن مع الاستعدادات لاستقبال شهر رمضان المبارك، والذي سيحل علينا الشهر المقبل ضيفا عزيزا غاليا، نجد أولئك التجار يعدون له العدة بطريقتهم الخاصة التي اعتدنا عليها خلال المواسم الماضية. وعلى الرغم من الجهود التي تقوم بها إدارة حماية المستهلك، والحديث عن طرح سلال غذائية بهذه المناسبة، إلا أن واقع ما يجري في السوق شيء، وما تحمل تلك التصريحات من تفاؤل شيء آخر. لقد أصبح غول الغلاء يهدد الغايات السامية للدولة من زيادة الرواتب، بهدف تخفيف الأعباء المعيشية على محدود الدخل بصورة رئيسية. ومن هنا يتطلب الأمر من الإدارات المعنية بضبط ومراقبة الأسعار تحركا فعالا وملموسا لردع تلك النوعية من الملاك والتجار والموردين الذين لا ترضيهم إلا مضاعفة هوامش أرباحهم إلى مستويات مبالغ فيها، تمثل عبئا على الفئات محدودة الدخل والضعيفة في المجتمع. ونحن ندعوها لاستعادة الزخم الذي كانت عليه مبادراتها السابقة عندما تصدت لأولئك التجار الذين أرداوا التلاعب بواردات أنواع معينة من العيش”البسمتي” والحليب وأنواع استهلاكية أخرى. وقد تفاعل معها مجلس الوزراء بقراره التاريخي فتح تحرير استيراد عدد من السلع الضرورية.

ali.alamodi@admedia.ae