في الزلزال المؤسف الذي تعرضت له اليابان وما تبعه من موجات تسونامي، هناك إجماع على أمر واحد، وهو أن هذا الزلزال يعتبر من أسوأ الكوارث الطبيعية التي حصلت مؤخراً، والبعض اعتبره بمثابة هيروشيما 2 من شدة الدمار الذي خلفه والرعب الذي فجره من حصول كارثة نووية. ولعل الأمر لا يحتاج إلى شرح ووصف، ويكفي متابعة الصور التي بثتها وسائل الإعلام المختلفة خلال الأيام الماضية عن الكارثة، لإدراك شدة الدمار وحجم الخراب اللذين تسبب بهما، لدرجة أن موجات تسونامي من قوتها لم تكتف بتدمير أجزاء من اليابان، بل عبرت المحيط وتسبب في وفاة شخص في ولاية كاليفورنيا على بعد آلاف الأميال من موقع الزلزال، ابتلعته الأمواج وهو يحاول تصويرها. والزلزال من شدته حرك الجزيرة الرئيسة لليابان بمقدار 2.4 متر من مكانها وكأنها مجرد حجر صغير في بركة، وليست جزيرة ضخمة راسية القواعد ومترامية الأطراف وتعلوها قمم الجبال، كما حرك محور الأرض من مكانه بنسبة 12 سنتيمتراً. وحسب العلماء وأهل اختصاص، فإن أي تغيير في محور الأرض يتبعه تغيير في مدة اليوم الشمسي. تخيل، ماذا فعلت قوة الأمواج فقط، مسحت واجهات مدن وأزالت قطارات من مكانها وابتلعت السفن وهدمت 1.5 مليون منزل، وشردت الآلاف وكل هذا حصل في مجرد لحظات معدودة، فهل من متعظ؟ الحياة زائلة والحضارة الإنسانية التي نعرفها قد تتغير في غمضة عين. والأدهى والأمر، أن كل هذا الدمار حصل في واحدة من أفضل دول العالم تجهيزاً ضد الزلازل والكوارث الطبيعية، مما يكشف أن الحضارة الإنسانية مهما وصلت إليه من تقدم وتطور لا تزال عاجزة عن الوقوف في وجه الظواهر الطبيعية. والمشكلة أن رغم كل هذا الدمار الذي خلفه الزلزال، إلا أن المخاوف لم تنته منه ومازالت قائمة في أن يتسبب في كارثة نووية قد تحصل في أحد المفاعلات النووية والتي تضررت بشدة من الكارثة، مما يعيد للذاكرة الخراب الذي أحدثته قنبلة هيروشيما الذرية، التي رمتها أميركا على اليابان في وآخر الحرب العالمية الثانية، والخوف من أن تعيش اليابان التجربة نفسها مرة أخرى. لا نملك إلا أن نقول: الله يلطف بعباده في كل مكان، والحمد لله الذي حفظنا من هذه الكوارث، ونجانا منها في أن نعيش في منطقة لا فيها لا تسونامي ولا أعاصير ولا غيرها، راضين بالحر والجفاف والغبار، ولا التعرض لكارثة من هذا النوع لا قدر الله. Saif.alshamsi@admedia.ae