كثيرون هم ضحايا كلمة «بينما» بحيث لا أحد يموت إلا ويضعون قبله «بينما» وكأنها نذير شؤم أو مقدم نحس على الذين أسرعت أقدارهم نحوهم أو هم هرولوا نحوها:
بينما.. كان يخطب في الجماهير الغفيرة، انطلقت رصاصة من مسدس شخص مندساً بين الجماهير المحتشدة لتستقر في صدغه، فأخرسته للأبد.
بينما.. كان يسير بسيارته المصفحة ضمن موكب رسمي مهيب، انفجرت قنبلة موقوتة أودت بحياته وحياة مرافقيه المدججين.
بينما.. كان يحتفل بزواجه على ذات الصون والعفاف، في صالة الفندق الكبير، دخل أحد الإرهابيين وفجّر نفسه بين المحتفلين، معتقداً أنه طار إلى الجنة وأرسل عبدة الدنيا وفجّارها إلى جهنم وبئس المصير.
بينما.. كان رسام الكاريكاتير المشاغب يسير في شارع جانبي من شوارع لندن، فاجأه شخصان على دراجة نارية واختطفا حياته بطريقة كاريكاتيرية.
بينما.. كان الصحفي متوجهاً إلى عمله في صحيفة الوطن الحر، عاجله شاب ملتح بخنجر انغرز في عنقه والشاب الآخر بتر أصابعه.
بينما.. كان الرئيس يشارك شعبه احتفالات البلد بعيد الاستقلال والنصر على الاستعمار، ترجل جندي من الحرس، وقضى على من كان في المنصة، مقتلعاً الرئيس من كرسيه المذهّب.
بينما.. كانت الحافلة العامة تسير على خطها المعتاد، تحمل الركاب وتنزلهم في محطاتهم، انفجرت فيها حقيبة موضوعة تحت أحد كراسيها، قضت على معظم الركاب، وكانت محطتهم الأخيرة.
بينما.. كانت الطائرة المدنية تحلق فوق الأطلسي، تعرضت لانفجار غامض أودى بحياة جميع ركابها وصندوقها الأسود، الدوائر الرسمية تشك بأنها تعرضت لصاروخ عابر القارات.
بينما.. كانت الطائرة العمودية تحلق وعلى متنها رئيس الأركان وبعض من قادة الجيش تحطمت فجأة، ولقي ركابها من الرتب العليا حتفهم في الحال والتو، بينما التحقيق الجاري لم يثبت إن كان الحادث متعمداً أو لخلل فني طارئ كالعادة.
بينما.. كان جمهور نادي العاصمة في غمرة فرحه بالفوز، انهار فجأة ملعب الشعب، مما أدى إلى مقتل عدد كبير من المشجعين الفرحانين، ويا فرحة ما تمت.
بينما.. كانت سيارة الإسعاف تنقل بعض جرحى الانتفاضة الوطنية، تعرضت لإطلاق صاروخي من طائرة لا ترحم، مما عجل بوفاة الجرحى وجرح سائقها والمسعفين، وتعطلت حركة الشارع، مما منع وصول سيارات إسعاف أخرى.
بينما.. كانت أسرة المعارض السياسي تهجع في بيتها نائمة مطمئنة، دخل عليهم مسلحون ملثمون وأبادوهم عن بكرة أبيهم “المعارض”.
بينما كان الرئيس يتهنأ بما يتمنى، هاجت جموع الشعب تريد إسقاط النظام، فلم تجد نظاماً لتسقطه.


amood8@yahoo.com