الحذر وحده لا يمنع وقوع الخطأ، وكما “يقال لا يُغني حذر عن قدر”، فمهما حاول الإنسان، التنبّه، ومهما احتاط، فإنه لابد أن يرتكب بعض الأخطاء، لكنها بالتأكيد تكون أقل وأهون من أخطاء المهمل، الذي يترك الأمور على عواهنها، ولأن البشر بطبيعتهم خطاؤون، فمن الوارد أن يقعوا في الخطأ، فقد وقعت أخطاء فادحة، وغريبة، ومكلفة أحياناً على مر التاريخ القديم والحديث، ومنها من ندم أصحابها أكثر من عدد شعر رأسه على فعلها، وأولهم الجنوب أفريقي جورج هاريشن عندما باع مزرعته غير الصالحة للزراعة إلى شركة تنقيب بعشرة جنيهات فقط، وبعد فترة وجيزة اكتشفت الشركة أكبر منجم للذهب في المزرعة، وأصبح بعد ذلك ينتج 70% من إجمالي إنتاج الذهب في العالم.
ومن الأخطاء الفادحة نسيان الخباز البريطاني جوفينز إطفاء شعلة صغيرة في مخبزه، قبل أن يخلد للنوم في النصف الثاني من القرن السابع عشر، وقد أدى هذا إلى اشتعال منزله، ثم منزل جيرانه، ثم الحارات المجاورة، حتى احترقت نصف لندن، ومات الآلاف من سكانها، فيما أصبح يعرف “بالحريق الكبير”، فيما لم يصب الخباز جوفينز بأذى!
وفي عام 1347م تسللت بعض الفئران إلى ثلاث سفن إيطالية، كانت راسية في أحد موانئ الصين، التي قضى الطاعون على نصف سكانها، لتقل السفن تلك الفئران إلى ميناء مسينا الإيطالي، لتنشر الطاعون في المدينة، ومنها إلى إيطاليا، فأوروبا بأكملهما، ليقتل ثلث سكانها خلال عشر سنوات.
فيما كان الحارس الجزائري فوزي شاوشي صاحب أول الأخطاء في مونديال “جنوب أفريقيا 2010” في أول لقاءات الجزائر بالبطولة، وكان أمام سلوفينيا، عندما أخطأ تقدير الكرة التي سددها اللاعب السلوفاني روبرت كورن من أمام منطقة الجزاء لتدخل المرمى بغرابة شديدة، مسجلة هدف الفوز لسلوفينيا، وتكفل هذا الخطأ بالإطاحة بشاوشي من تشكيلة منتخب بلاده في مباراتي إنجلترا وأميركا، ليلعب بدلا منه الحارس ميولحي.
ومن الأخطاء المطبعية، خطأ مطبعي في إحدى الصحف المصرية تسبب في أزمة بين الحكومة وطلاب الجامعات في الإسكندرية، الذين نظموا إضراباً لتحقيق بعض المطالب، وقد توصلت الحكومة لحل مع الطلبة، لكن الصحيفة أثارت الطلبة من جديد بعد أن نشرت بالخطأ، عنواناً يقول: الكلاب ينهون إضرابهم!” فحوّل حرف الطاء إلى كاف، لتصبح “الطلاب” “الكلاب”.
ومن الأخطاء، ولكن ليست كتلك التي سردتها، أن ذكرت في زاوية أمس أن “امبوست” صاحبة الامتياز في تقديم خامات التوصيل والإشعار والإبلاغ في دائرة والقضاء، والصحيح أن “أرامكس” هي من تتولى هذه المهمة، وهي التي باتت اليوم النقطة السوداء في الخدمات الجليلة التي تقدمها دائرة القضاء للجمهور والمراجعين، بأن تغلق مكاتبها عند منتصف النهار، فيما يستمر العمل بالدائرة حتى بعد الثالثة ظهراً.
وقد تداخلت علي الأسماء أثناء كتابة هذه الزاوية، لكن الخطأ قادني للتعرف على بعض مسؤولي “امبوست” والخدمات التي تقدمها الشركة المستظلة بظل البريد المركزي.



m.eisa@alittihad.ae