لا شيء جميلاً يسري في البدن عافية ويملأه حبوراً، متتبعاً نسق الروح، كفعل خير لا تنتظر منه غير فرحة تدغدق الصدر، وسعادة تستقر عند الطرف الآخر، وقد يكون لا يعرفك، ولا أنت تعرفه، ولا تنتظر منه كلمة الشكر، هكذا هو سر الخير، دائماً ما يقرن بالسماء وما تغدق من بشائر وهبات، وما تنبت الأرض من خيرات، وما يجعل الإنسان يرفرف وحده بأجنحة لا تحدها المسافات، فقط لأنه صنع خيراً ولم يتذكره، صنع فرحة ولم يتبعها أذى، صنع سعادة كبيرة بفعل صغير، وزائد عن حاجته، لكنه كعصفور من الجنة أتى حاضراً بنسائمها، فكفكف دمعة، وأثلج صدراً، وشرّع آفاقاً للذين قلوبهم ضاقت، وعيونهم كاد يكسرها الضعف والذل، هذا حال الفقراء فكيف بالمحتاجين والمنكوبين والمساكين والملهوفين، ومن تدقهم الحروب بمطارقها، وتركّع كبيرهم قبل صغيرهم، كيف بغضب الطبيعة وما تدكه من مدن كانت قد باتت حالمة، فاستفاقت هائمة، كيف حين يستعر الإنسان ويحصد الأبرياء والصغار والنساء والمغلوبين.
من هنا كانت الإمارات، وكان أبناؤها الخيّرون، وهم كثر، لأصالة في النفس عربية، وطيبة في الخلق، وطبع في السجية، وكأنهم يتوارثون صفة الجود، ومعنى الكرم، وبياض الكف والقلب، فللخير أوجه كثيرة، من نوى به، ومن عمل به، ومن سخّر نفسه له، ومن دلّ عليه، ومن وصّله، لذا كان التكريم من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لرعاة الخير والقائمين عليه والداعين له والناذرين أنفسهم من أجله، تكريماً يلقى في نفوس الطيبين طيباً، وفي قلوب الخيرين خيراً وفيراً، وفي صدور العاملين فرحاً عميماً، وستبقى الإمارات خير داعم للإنسان في أي مكان، وخير ساع للخير في جميع البلدان، لا تفرق بين دين ولغة وعرق، فالإنسان دائماً هو المبتلى، والإنسان دائماً بحاجة لأن يكون مكرماً ومعززاً، كما كرمه الرب، وعززته السماء.
لقد كانت أرقام تبرعات الإمارات لشعوب وبلدان العالم كبيرة، لكنها مفرحة أكثر، تدعو للسعادة والرضا أكثر من دعوى التفاخر، فقد بلغت 163 مليار درهم منذ قيام الاتحاد، قدمتها الإمارات بقلبها الرضي، وقدمتها يد زايد البيضاء على الدوام، ويد خليفة الخير، وأيادي إخوانه الكرام، والناس الطيبين، متجهة إلى 92 دولة في العالم لمكافحة الفقر والجوع والمرض والحاجة وتأمين الخوف والروع، ورسم ابتسامة على وجوه الناس.
ولعلها من الأشياء الجميلة التي يحق لأهل الإمارات أن يفخروا بها، ولا يتفاخروا، فدولتهم في مقدمة الدول في فعل الخير، وليس صنع الحرب، في مقدمة الاهتمام بالإنسان وإكرامه دون تفرقة، وليس فيما يثقله ويتعب عيشه، في مقدمة المنح والعطاء والبذل، وليس في السلب والنهب والاعتداء على حقوق الآخرين ومقدراتهم.. فكفى فخراً بكف بيضاء.. وقلب أبيض!


ناصر الظاهري | amood8@yahoo.com