العام جمع أيام، والسنة جمع شهور، ألا ترى أنه لما كان يقال: أيام الزنج، قيل: عام الزنج، ولما لم يقل: شهور الزنج، لم يقل: سنة الزنج، ويجوز أن يقال: العام يفيد كونه وقتاً لشيء، والسنة لا تفيد ذلك، ولهذا يقال: عام الفيل ولا يقال: سنة الفيل، ويقال في التاريخ: سنة مائة وسنة خمسين، ولا يقال: عام مائة وعام خمسين، إذ ليس وقتاً لشيء مما ذكر من هذا العدد، ومع هذا فإن العام هو السنة والسنة هي العام، وإن اقتضى كل واحد منهما ما لا يقتضيه الآخر مما ذكرناه، كما أن الكل هو الجمع والجمع هو الكل، وإن كان الكل إحاطة بالأبعاض والجمع إحاطة بالأجزاء. ويقال الحجّةَ التي تفيد بأنها يحج فيها، والْـحَجَّةُ: المرة الواحدة من حج يحج، والْـحِجَّةُ فِعْلة مثل الْـحِلْسة والقِعْدة، ثم سُمِّيت بها السنة كما يسمى الشيء باسم ما يكون فيه. أما قولنا: «حين» فهو اسم جمع أوقاتاً متناهية، سواء كان سنة أو شهوراً أو أياماً أو ساعات، ولهذا جاء في القرآن لمعانٍ مختلفة، وبينه وبين الدهر فرق، وهو أن الدهر يقتضي أنه أوقات متوالية مختلفة على ما ذكرناه، ولهذا قال الله تعالى حاكياً عن الدهريين: (... وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ) «الجاثية - الآية: 24» أي يهلكنا الدهر باختلاف أحواله، والدهر أيضاً لا يكون إلاّ ساعات قليلة ويكون الحين كذلك. جبران خليل جبران: ويا ســــــــــــنـة لقينـــاهــــــــا بمـــــلء صدورنــــــــا بشـــــــرا أزيلــــــي آيـــــــة البــؤســـــــى وهاتــــــي آيـــــة البشـــــــــــرى إليــــــك بمــــا ألــــم بنــــــــــا وأجــــرى الأدمـــــع الحمـــــــــرا لتصفــــــو بعــــــد كدرتهــــــــا دمـــــوع المقلــــة الشــــــــكرى كصفو النفــــس بعـــد الخطــب أعقــــــب حزنهـــــا الذكـــــــرى أعيـــــدي الســـــــبل ســــاقية تفيـــــــض الخيـــــــر والبــــــــرا نحـــــن حنيـــــــــن والــــــــدة إذا ما أرضعــــــــــــت قطــــــــرا وتلبــــــث كـــل باســـــــــــــقة بفـــــيء ظلهـــــــا قصــــــــــــرا علــــى هـــذا الرجـــــــاء حـــــلا لـنـــــا توديــــــــــع مــا مـــــــرا وســــــــــلمنا علــــــــى الآتـــي بمــــــا يســـتأســـــــر الحــــــــرا أقمنــــــا مهرجــــــــــان دجـــى يحـالـــــف ذكـــــــره الـدهــــــرا لنلقــــــى عامنـــــــا ســـــــمحا طلـيــــق البشـــــــــــر مفتــــــرا جلونــــــــا ليلـــــــة حســـــــنـا بـنــــور الـزيـنــــــــة الكـبـــــرى قيس بن الملوح (مجنون ليلى): فيا ليت ليلى وافقـت كل حجـــة قضاءً علـــى ليْلَـى وأنِّي رَفيقُهَــــا فَتَجْمَعَنَـــا مــِن نَخْلَتْيــــنِ ثَنِيَّــةٌ يغـص بأعضــادا لمطــي طريقهــا فألْقَاكِ عنْدَ الرُّكْنِ أوْ جَانبَ الصَّفَا ويشغل عنا أهـــل مكــة ســـوقها فأنشدها أن تجزي الهون والهوى وتمنح نفساً طـــال مطلاً حقوقها حسان بن ثابت: ثوَى في قرَيش، بضْعَ عشرَة َ حِجّةً يُذكِّرُ، لو يَلْقـى خليــــلاً مُؤاتِيـــــا وَيَعْرِضُ في أهــلِ المَواسِمِ نفسَهُ، فلمْ يرَ من يـؤوي، ولـــمْ يرَ داعيــا فلمّا أتانا، واطمأنّـــتْ به النّـوى، فأصبحَ مســروراً، بطيبـــةَ، راضيـا بذلنا لهُ الأموالَ مـن جــلّ مالنـا، وأنفُســـَنا، عنـدَ الوَغَى، والتّآسـِيا نحاربُ من عادى من الناس كلهم جميعاً وإن كان الحبيـبَ المصافيا ونعلـــمُ أنّ اللـــهَ لا ربّ غيــــرهُ، وإنّ كِتَــابَ اللَّهِ أصْبَـــحَ هادِيــــا