كما في المسلسلات والأعمال التلفزيونية، سأبدأ بعبارة (اسقاطات هذا المقال خيالية، وتطابقها مع أحداث مسلسل يعرض حاليا «ليس» من قبيل الصدفة البحتة) . دارت أفكاري مرات ومرات، وعلى مبدأ « شو أقول وشو أخلي» كنت أحشد الجمل في عقلي وأحذفها، أحاول أن أشرح وتعصيني الحروف، في عقلي مسلسل تم تصويره وتدور أحداثه أيضا في دبي، إمارتنا الجميلة البهية، يعرض قصص نساء تدور كلها حول محور واحد هو الرجال، يظهر حياة أخرى -لا أعرفها- تتوارى في الشقق السكنية وصالونات التجميل. لم يكن مهماً في نظري ما يحاول «معربو» السيناريو اظهاره من لؤم النساء وكيد البنات، وغير مهم في اعتقادي ما ركز عليه المخرج من خيانة الرجال واستغلالهم للنساء. ما استفزني حقا وأظنه استفز كل مواطن غيور على الامارات، هو الصورة التي ظهر فيها المواطنون بهذا المسلسل، بدءا من الفنانات «غير المواطنات» اللواتي قدمن نموذجا سيئا عن الاماراتيات، مرورا باللهجة الاماراتية المصطنعة والمركبة تركيبا ركيكا، وانتهاء بالفنان الاماراتي الوحيد الذي أدى المشاهد دون أن تثور حميته تجاه وطنه. أقر السيناريو ظهور الفتاة الاماراتية بمظهر طويلة اللسان، المستغلة للرجال والباحثة دوما وأبدا عن رجل ينفق على تفاهاتها وسفراتها، فهي لا تعمل، ولا تمنح خادمتها العربية» راتبا، وأكثر همها السفر لأوروبا واقتناء حقيبة غالية، مكياجها صارخ وملابسها مبتذلة وتخرج مع أي رجل ينفق عليها حتى لو كان «بائع البصل والخضار»! أما اللهجة الاماراتية، فلن تكفيني عدة مقالات لأصف الجريمة التي ترتكب في حقها، فالعبارات مكسورة ، والمفردات الاماراتية «كوكتيل» مع الشامية والعراقية وحتى المصرية في جملة واحدة، وتسكين الحروف في غير محلها، وجر الحروف جرا عند الحديث، هذا بخلاف أن حرف الجيم استبدل بالياء في كل الكلمات حتى في عبارة مثل : العشاء ياهز! أما الممثل الاماراتي الوحيد، فهذا والله من يخنق المشاهد غيظا، لم يهتز له جفن وهو يقرأ السيناريو «الخيالي» ولم يحرك ساكنا في النص «المعرب» ورضي بتصوير الحياة في البيوت الاماراتية وكأنها أوروبية، يدخل الضيوف «الرجال» في صالة بيته وتجالسهم زوجته، يسمح لزوجته بتنظيم عشاء لتزويج صديقاتها من أصدقائه، لا صديق إماراتي عنده، كلهم من جنسيات عربية تتمازح زوجته معهم وتتجول معهم في المولات! التي أظهرها المسلسل ملأى برجال يرتدون «كنادير» تظهر بناطلينهم وأحذتهم اللماعة، وغترة وعقالا بدون «قحفية»! بقدر ما تخنقني أحداث المسلسل الخيالية، بقدر ما يثير غيظي سكوت ممثل الامارات الوحيد في المسلسل، وكأن الرضا بما يريده المخرج ينسيه واجب الحفاظ على صورة البيوت الاماراتية الحقيقية، وتمثيل المجتمع الاماراتي بشكل واقعي، وهذا أقل واجب عليه، أن يصحح الصورة وأن يكون عاملا مهما في نشر الحقيقة الفعلية لأنثربولوجيا الامارات. الدراما رسالة ومفهوم، وتنقل صورة تصبح «نمطية» مع الوقت في عقول الناس، على الانسان أن يحترم فيها واجباته تجاه دولته، وأن يسعى جاهدا لتقديم هوية حقيقية عن أبناء بلده.