لم نكن نود أن تؤول الأمور إلى ما آلت إليه، وأن يصل الخطاب الآسيوي أو فلنقل العربي تحديداً إلى هذه النقطة التي تفرق أكثر وتقسم أكثر، ولا تبعث على تفاؤلنا نحن الذين نتابع من يقودون الرياضة في بلادنا، وبدلاً من أن يوحدونا خلفهم، من أجل هدف واحد وغاية واحدة، إذا بهم يتفرقون شتى، حتى بتنا لا ندري مع أي فريق نسير. وبرغم مما ساد الانتخابات الآسيوية والانقسام الذي أطل برأسه قبلها وخلالها على الصف العربي تحديداً، إلا أننا قلنا إنها انتخابات ومضت، وعلينا أن نهنئ من نجح ونتمنى التوفيق مستقبلاً لمن أخفق، غير أن تداعيات الانتخابات امتدت إلى الفضائيات اللاهثة خلف السبق وهذا حقها، ولكن ليس حقاً لمن يطل علينا فيها أن يتبادلوا الاتهامات والشتائم على مرأى ومسمع منا، وليس من حقهم أن يوغروا صدورنا نحن بهذه الاتهامات التي لا نعلم أصلها من فصلها، والغريب أنهم غداً أو بعد غد، قد تلعب سياسة انتخابية أو تحالف جديد لعبته مع هؤلاء المتخاصمين، فيعودون يكيلون المديح، ويقولون «عفا الله عما سلف» ويفتحون صفحة جديدة، مطلوب منا نحن أيضاً أن نفتحها. ولا أعني بالطبع فقط من تحدثوا عن الانتخابات من أطرافها الأصيلة، ولكن أيضاً من علقوا عليها، ومن حلوا ضيوفاً للتحليل في برامج، فتركوا التحليل ومضوا في «خناقات» فيما بينهم، لدرجة أنني استمعت بالصدفة في ساعة مبكرة من صباح أمس إلى برنامج يضم مجموعة من المحللين والإعلاميين الخليجيين، وصل الأمر باثنين منهما إلى تبادل القدح والذم، وشكك كل منهما في أهلية الآخر وعقل، وبدا الاثنان وهما يبتسمان وكأنهما ينفذان أدواراً في مسرحية هزلية. المسؤولية، مثلما تفرض على صاحبها أن يسعى لخدمة من يمثلهم ويدافع عنهم، تفرض عليه أيضاً أن يتسامى عن الأمور الصغيرة ويضرب المثل والقدوة في ترفعه عن الصغائر، كما أن من يتعاطون مع المؤسسات ومن ينتسبون عليها، عليهم في المقابل واجب، وتبقى الاجتماعات لا الشاشات متنفسهم لتبادل وجهات النظر، وفي كل الأحوال ليس لـ«الضرابات» والمشاحنات. لم يكن أمس الأول يوماً اختبرنا فيه قدرتنا على إدارة الأزمات، وأعني بها الانتخابات، وإنما كان أيضاً اختباراً في قدرتنا على توجيه خطاب سليم يواكب قارة تتابعنا وصرنا محط أنظارها، والغريب أن طرفي الانتخابات الأصيلين أو كل أطراف الانتخابات، المعنية بالفوز والخسارة كان خطابها هادئاً، بينما غلفت خطابات الآخرين الرسائل المبطنة، والكثير من الخروج عن النص. وبالإمكان القول إنه بقدر ما كان النجاح مبهراً على الصعيد الانتخابي، بقدر ما خاننا التوفيق فيما أعقب الانتخابات من مساجلات ومعارك على الهواء، نافست في إثارتها «أفلام الأكشن» والمسرحيات. وأعتقد أنه آن الأوان لتدخلات هادئة من رياضيينا الكبار، وما أكثرهم في محيطنا الخليجي، لرأب الصدع، وتدارك ما خلفته الانتخابات الآسيوية في الصدور، وما خلفته أيضاً الفترة الأخيرة من خصامات كثيرة دبت في أوساط عربية وخليجية كثيرة، فلا زلنا نعتز بقياداتنا الرياضية، ولا زلنا نؤمل منهم الكثير، ولكن عليهم أن يدركوا أن كل انتصاراتنا ومكاسبنا لا توازي فوزنا الأكبر الذي حققناه تاريخاً وأرضاً، وهو أننا عرب ومسلمون. كلمة أخيرة الكلمة قسم السماء.. لا تستحق أبداً أن تكون رخيصة أو أن تهوي إلى الأرض. mohamed.albade@admedia.ae