هل الصلة قديمة بين الحشيش والمكيفات والإرهاب؟ أم هي وليدة الحاجة وظهرت بعد التضييق الذي لقيته المنظمات الإرهابية حول العالم، وبفضل تضافر الجهود الدولية، وتجفيف منابع التمويل عبر المؤسسات والأفراد وعمليات غسل الأموال أو أجور العمليات القذرة أو الإتاوات التي تفرض لحماية المجرمين والفاسدين من الجنرالات، لذا وجد الإرهاب ضالته في تجارة تعد من أكبر تجارات الفساد ولا تفوقها إلا تجارة السلاح دخلاً وتخريباً، وأحياناً تكونان متلازمتين في الربح والدمار.
لكن تبدو هذه الصلة قديمة، ومنذ أن اعتزل حسن الصباح في قلعة “الموت” واختط لأصحابه ومريديه خيار جنة الأرض، بما يجعلهم يتهيأونه من خلال المخدرات ونعيم الدنيا بما يوفره لهم من طيبات وملذات، ومن ثم يشحن القاتل معنوياً بكلمات الفدائية، ومادياً بما يجعل رأسه مثقلاً، وعينيه لا تريان إلا هدفاً واحداً، وهو غرز الخنجر في بطن من ينون قتله أو التخلص منه، وإن فشل يغرزها في بطنه هو، بحيث لا يمسك أصدقاؤه والمنتمون للتنظيم، لذا أطلق الآخرون على هذه الفرقة كلمة الحشاشين، ومنها
اشتقت اللغات العالمية الأخرى نفس الكلمة، وأدرجتها في قاموسها اليوم “ Assassin “ أو ما يعرف بالقاتل أو المغتال ومنه تصريفاً عملية الاغتيال، وخاصة الاغتيال السياسي، لأن فرقة الحشاشين كانوا يغتالون معارضيهم والمختلفين عنهم نهجاً وفلسفة.
إرهاب اليوم يسير على المنوال ذاته، فالذي يسكره المخدر يعطى له، والذي تسكره الكلمات الناموسية يشحن بها والذي يعشق الأحلام ويخاف من الماورائيات يجهز له كفنه، المهم هو طريق واحد لا رجعة منه، ولو فكرت في الرجوع تكون التصفية على يد الأصدقاء المتتبعين لخطواتك، تماماً كما كان يفعل الحشاشون والفرق السرية.
اليوم لو نتتبع بؤر الإرهاب وقواعده، ونسلك طريق الحرير الخاص به أو طريق التخريب بشكل أدق “المخدرات والفساد والاجرام”، ستجدها ذهاباً أو إياباً أو تقاطعاً تبدأ من أفغانستان إلى باكستان والجمهوريات الإسلامية وروسيا، ثم الهند وإندونيسيا والفلبين، وخط إيران العراق سوريا تركيا دول أوروبا، وخط اليمن السعودية ودول الخليج، ثم الصومال أفريقيا السوداء صعوداً إلى الجزائر والمغرب ومنهما إلى أوروبا وأميركا، وخط مصر فلسطين الأردن لبنان، وتعد أفغانستان المعقل الرئيس لحقول القنب سواء الهندي أو الأفريقي، حيث تمثل أفغانستان المصدر الرئيس لـ 70 في المائة من صادرات العالم من الهيروين، وتقدر قيمة إنتاجها السنوي من المخدرات بنحو 2.5 مليار دولار، غير أن المبلغ يتضاعف كثيراً مع عمليات النقل والتخزين والتصريف، وما يصاحبها من مخاطر ومجازفات ليصبح 30 مليار دولار في أسواق روسيا وأوروبا وأميركا.
لذا وحينما ارتبط الإرهاب بالمخدرات وتجارتها، أصبح القضاء عليه صعباً، لأن هناك ألف.. ألف من يحميه، أفراداً ودولاً وعصابات ومنظمات!


amood8@yahoo.com