لماذا نهرب.. لماذا عندما نكون بين اختيارين نفترض أن هناك اختياراً ثالثاً ونؤكد عليه.. لماذا عندما يواجهنا أحد ما نرفع أصواتنا أو نستقل بما لديه أو نلجأ للوسائل الدفاعية فنبدأ إما بالعتب أو الهجوم.. لماذا نحن في حالة مد وجزر.. أليس كل ابن آدم خطاء فلماذا الخوف من الاعتراف بالخطأ؟ هل نهرب من الخطأ أو ممن أخطأنا بحقهم أم أننا نسمو بأنفسنا عن الخطأ الذي ارتكبناه فنصر على إجحاف حق الآخر علينا؟ طال النقاش بيني وبين إحدى صديقاتي التي تؤكد أنه من الصعب أن يعترف بعض الأشخاص بأخطائهم، لذا علينا أن نتجاهل أخطاء المقربين، وخصوصاً إن كنا معنيين بهذا الخطأ، ونسامح. الأمر وارد أن نسامح من لا يقر بخطئه؛ ولكن سيبقى هناك أثر في النفس لا يطهره إلا الاعتراف بحقنا على الآخرين. اللصوص يهربون بعد السرقة، لكننا نبحث عنهم إلى أن يقروا بالخطأ.. نخطئ الطريق فنعود إلى الصواب.. كل هذه الأمور موجودة في الحياة ولها نكهتها الخاصة.. ويبقى علينا التفكير لماذا نخطئ ؟ لأن الحياة تجارب.. لا ليست هذه الإجابة في نظري. نحن نخطئ لأننا نفكر في أنفسنا، أو لأن «الأنا» Ego متضخمة لدينا.. بما أن كل شيء ينطلق منك فالخطأ أيضاً يبدأ منا، هناك من يصنف تضخم «الأنا» على أنه مرض لأنه ينبع من الشخص المفرط في الأنانية. كما أن هناك من يغذي هذه «الأنا» لدينا بتمجيد معظم أعمالنا وأقوالنا لدرجة تصعب فيها الرؤيا وتكون أكثر ضبابية؛ قال الرسول صلى الله عليه وسلم «إذا جاءكم من يمدحكم فاحثوا في وجهه التراب». هناك من يقول إن الظروف دفعته لفعل كذا وكذا.. لا أحد يستطيع أن ينكر دور البيئة المحيطة بنا في سلوكنا، ولكن يبقى الفعل ترجمة لرغبة ذاتية خاصة بنا، حتى وإن كانت لأجل شخص آخر، وبما أن الآخر يعني شيئاً لك فأنت أو أنا نقدم على هذا التصرف. غالبية الأمور التي تقع تحت نطاق الخطأ يكون «الأنا» هو العامل الفعال فيها، وهذا لا يلغي تميز «الأنا» في أحيان كثيرة غير أنها تتعب صاحبها ومحيطه أحياناً، كما أن إلغاءها يسبب كارثة حقيقية. لذا نرى معظم الهاربين من المواجهة الغارقين في ذواتهم يجيدون التعبير عن أنفسهم لأنها دائماً موجودة، ووجودها يلغي وجود الآخرين.. هم الوحيدون الذين يتألمون ويفرحون ويعملون ويستحقون.. لديهم مرآة لا تعكس إلا صورهم على الرغم من ذلك فهم جميلون لأنهم يعيشون معنا، موجودون في كل واحد فينا، لكن ظهورهم يتفاوت ويختلف بمدى المساحة التي نمنحها «للأنا» التي داخلنا والتي نهرب من مواجهتها في كثير من الأحيان.. فهروبنا منها يسقطنا في بئرها. ameena.awadh@admedia.ae