تتواصل اليوم احتفالات مديريات الشرطة في الدولة باليوم العالمي لمكافحة المخدرات. وقد تنوعت هذه الاحتفالات بين مسيرات كرنفالية ومعارض توعوية وبيانات وخطب، تناولت ما هو معروف ويتكرر كل عام عن دلالات المناسبة وخطورة الآفة على سلامة واستقرار المجتمع وأفراده. من دون أن تقدم لنا أي إدارة من هذه الإدارات عدد قضايا المخدرات والكميات التي تم ضبطها، وأعداد الذين ألقي القبض عليهم وأدينوا بالجرم المشهود، وعدد الذين نفذت بحقهم العقوبة القصوى التي ينص عليها القانون بحق مروجي وتجار المخدرات وهي الإعدام .وحدها شرطة الشارقة التي أعلنت عن وفاة 17 شخصاً من بينهم 16 مواطناً بسبب المخدرات في الدولة العام الماضي.وتتراوح أعمار الضحايا بين 23 و 48 عاماً، كما أوضحت “أن هناك 11 مواطناً، من إجمالي العدد، لقوا حتفهم بسبب تعاطي الهيروين والبقية نتيجة تعاطيهم أنواعاً مختلفة من العقاقير والمواد المخدرة”. وأشارت إلى الأنواع المختلفة من المخدرات التي لا تزال تجد طريقها إلى الدولة ومن بينها “الحشيش والحبوب المخدرة من مختلف الأنواع إضافة إلى الهيروين، والكوكايين، وغيرها من المواد المحظورة والمخدرات “التخليقية” التي تكشف عن نشاط متزايد في صناعة المخدرات”.
وكان التقرير الأمني لشرطة الشارقة عام 2008 قد كشف عن ارتفاع ملحوظ في قضايا المخدرات وصلت إلى 177 جريمة، متهم فيها 357 شخصاً من بينهم 144 مواطناً، وأن 293 من المتهمين في الفئة العمرية بين 18 وحتى 40 عاماً. ورصد التقرير نسبة زيادة واضحة في أعداد جرائم المخدرات فاقت الـ 65 % مقارنة بعام 2007.
مثل هذه المؤشرات ضرورية للرأي العام، وهي تكشف عن مدى إصرار تجار السموم على استهداف شبابنا، وهم يتفننون في ابتكار طرق ووسائل تهريب سمومهم إلى البلاد، إلا أن يقظة أجهزة المكافحة ورجال العيون الساهرة في منافذ الدولة لهم بالمرصاد.
إن جهود الدولة على كافة الصعد لحماية الشباب من الوقوع فرائس لتجار السموم ومروجي المخدرات، جهود مباركة وملموسة. إلا أن عدم التردد في إنزال عقوبة الموت بأولئك التجار والمروجين يساهم في ردعهم عن الغي والفساد اللذين يمارسانهما بحق المجتمع. فهؤلاء مفسدون في الأرض، يستهدفون أغلى ما يملك الوطن، شبابه الذي يعول عليه الكثير لتعزيز مكتسباته. خاصة أن القيادة الرشيدة تولي العنصر البشري جل الرعاية والاهتمام، وتوفر له كل الموارد والإمكانيات لأجل أن يسهم بفاعلية في مسيرة البناء، وإذ بتجار السموم يتربصون بذلك الجهد الطيب للنيل من ثمار الصرح الشامخ.
احتفالات هذا العام أقيمت تحت شعار”أسرتي سعادتي، ولا للمخدرات” في توجه ملموس لإشراك كافة أفراد الأسرة لتحمل المسؤولية في المحافظة على مكونات المجتمع، وبالذات الأبناء من مخاطر الانزلاق إلى دائرة الخطر. وتهدف حملة هذا العام بحسب ما أُعلِن إلى أن “تكون الأسرة هي المؤسسة الأمنية الأولى وقاعدة الانطلاق في المعركة التي يخوضها المجتمع ضد آفة المخدرات”. وهو توجه محمود يحمل في طياته بُعداً أكدت عليه استراتيجية وزارة الداخلية وهي تنظر إلى أفراد المجتمع قاطبة باعتبارهم شركاء في حماية المجتمع، وبالتالي فإن الأمن مسؤولية الجميع.


ali.alamodi@admedia.ae