صحراء الإمارات واسعة شاسعة، ترتع بجمال خلاّب، ورمل جذّاب، أقرب إلى الصلب والترائب، ولكن بعض الناس الذين يعرِّشون أو يخيِّمون، يكنُّون بُغضاً رهيباً تجاه الأرض التي يمشون عليها، فلا يحفظون درها، ولا يحترمون سرها، بل إنهم يلقون بفظاظة جل أوساخ مشاعرهم الملوثة، وعندما تقف في مكان ما من هذه الصحراء، تصفعك المهملات والفضلات، وبقايا ما طحنته الأضراس، وما سحقته البطون، ترى العجيب العجاب، من تصرفات بشرية أقرب إلى الحيوانية، لما لها من فعل الرزايا والنوايا الخبيثة.. هذه التصرفات لهي دلالة على عدم الانتماء للأرض التي نعيشها، وعدم القدرة على التعايش والتواصل مع التراب الذي تلمسه أقدامنا.. فعلب الأكلات السريعة، والمناشف الورقية، وأوعية المشروبات الغازية، تتناثر على الأرض، كالوعد المشؤوم، وتقص حكاية بشر كانوا هنا قبل حين، فارتحلوا أو غربوا، تاركين حثالاتهم، تهيم مع الريح والفراغ، بألوان القبح، وأشكال القذارة، التي لا ينتمي إليها إلا أناس تحللوا من النظافة، واستولت على أفئدتهم آفة الإهمال واللامبالاة، والمغالاة في تشويه الأشياء الجميلة.. التربية الوطنية، لم تزر أذهانهم والقيم العالية لم تتحالف قط مع ضمائرهم، وعادة احترام أُمّنا الأرض لم تنبه مشاعرهم، لهذا فهم يعيشون ويتسلون ويلتهون بالممكن والمتاح، ويمارسون العشوائية على أرض بَراح، أتصور أنه بوسع وزارة التربية أن تضع منهاجاً صارماً، وحازماً، فيما يخص مادة التربية الوطنية، لتعلم الناس ما معنى الانتماء إلى الأرض، وما قيمة احترام التراب الذي سنؤول إليه وما أهمية أن يرتب الإنسان مشاعره، ويهذب تصرفاته، ويشذب أخلاقه، عندما يقف على تلة أو هضبة أو كثيب، ليعرف أن للشموخ علته، وعلة العلل أن نكون شامخين، متسامين، مترفعين، منزَّهين عن الأهواء، والتصرفات الرعناء، وما ينتج عنها من أخلاق فاسدة، تفسد الذوق، وتسيء إلى الأرض.
تربية وطنية، عملية، يحتاجها الطلاب، لينشأوا على قيم لا تخضع للعواطف، بل هي منتج عقلي، يقوم على التجربة، بأن تقرر وزارة التربية في منهاج التربية الوطنية، رحلات عملية إلى أماكن يوجد فيها الناس، ليرى هؤلاء الطلاب عن قرب، وبالعين المجردة، ماذا يجره المتسببون من ضرر إلى الأرض، وماذا تفعله الأخلاق الرفيعة لو تجنب الناس الإساءة إلى الأرض.
التنشئة، وخلق اللاشعور الجمعي لدى الأفراد أفضل حل وحال من القوانين والعقوبات.. وعي الضمير وسيلة للخلاص من العذاب الذي يسببه بعض الهاربين من الضوابط الاجتماعية والنظم.. أتمنى أن نخرج بوسيلة ناجعة تحمي أرضنا من عبث العابثين، وغشاوة الغاشمين، ولهو اللاهين، ونزق النزقين، لأن حب الأرض أصل الانتماء.


marafea@emi.ae