على عكس كل الحماس والبهجة التي انتظرتها بها -كونها «ثمرة» آن للوطن أن يسعد بها-، ودعتها وكلي ألم وضيق، ورغبة في عودة زمني وزمنها، على أمل تغيير ما اعتراني من شعور أشعل فتيل الإحباط لبقية اليوم.
هي طالبة متميزة في فصلها الدراسي الأخير في إحدى أهم مؤسساتنا التعليمية، جاءت إلى صحيفة «الاتحاد» ضمن برنامج ترعاه «شركة أبوظبي للإعلام» لرعاية خريجي الإعلام قبل تخرجهم لتشجعهم على العمل في الصحيفة فيما بعد؛ وأثناء عرضها لنماذج أعمالها، لم أجد أي عمل باللغة العربية أو أي عمل موجه للجمهور العربي، وعندما سألتها عن ذلك، فوجئت بإجابتها بأن لا فائدة من ذلك، وأن «مجتمعنا لن يتطور»! لم تكتف الطالبة بهذا القدر، بل أعربت عن يأسها من تغيير المجتمع، وأنها تفضل العمل في صحيفة أجنبية جمهورها غير عربي!!
سأكتفي بهذا القدر من علامات التعجب، لأني لو أطلقت لنفسي العنان للتعبير عما أشعر به، لملأت الصفحة بها ومنعني رئيس التحرير من الكتابة. والحقيقة أن تعجبي لا يعود إلى استغرابي من رغبة الفتاة في العمل بصحيفة أجنبية، فمن المكاسب الحقيقية التي حققتها المؤسسات التعليمية التي اعتمدت اللغة الإنجليزية في مناهجها، هو قدرة مخرجاتها على العمل في القطاعات التي تفتقر للعنصر الإماراتي، فنحن بالفعل نحتاج إليهم لكي يوصلوا صورتنا للآخرين بلغتهم؛ ولكن حيرتي تعود إلى نوع الرسالة التي ستوصلها فتاة -لا تجد فائدة في مجتمعها المتخلف- خلال العمل في الصحيفة الأجنبية أو خلال أي وسيلة إعلامية أخرى ستعمل بها!
بالطبع لم اكتف بالاستماع، فرددت عليها بسرعة، وهل من مكنوك، لكي تخرجي من منزلك وتتعلمي في الكلية التي تنتمين إليها وتصلي إلى هذه الدرجة من التعليم، وجلبوا لك الأساتذة الأجانب، ومكنوك من كل الأدوات المادية لتنتجي هذه المشاريع، هم مجموعة «متخلفين» ولا فائدة من تطويرهم؟ لا أجد داعياً لاكمال الحوار، الذي أعلم تماماً أنه لم يكن ليغير قناعة فتاة تشكلت في أربع سنوات، أو يزيد.
ولكني -وبحرقة- أوجهه للقائمين على هذه المؤسسات التعليمية، وخاصة قطاع تعليم الإعلام الوطني، في كليات التقنية وجامعة زايد ولا نستثني جامعة الإمارات، أوجه لهم جميعاً سؤالاً حول ما يعلمونه لأبنائنا في هذا القطاع؟ هل هم يراهنون على مخرجات تعليمية متمكنة من أدوات الإعلام وقادرة على إنتاج مواد إعلامية تنافس في جودتها التقنية أعمالاً عالمية ويتحدثون الإنجليزية بطلاقة، ويرتدون اللباس الوطني، فيما يحتقرون لغتهم ويسفهون مجتمعهم باعتباره غير قابل للتطور؟! أي رسالة إعلامية ننتظرها منهم.. بالفعل أنتظر الإجابة.


Als.almenhaly@admedia.ae