الموهبة هبة من الله، ولكي تعرف قيمتها ما عليك إلا أن تسأل اللاعب الذي يفتقدها، ويتمنى أن يصل إلى مصاف النجوم الكبار، ولكن إمكانيته المحدودة تخونه، وخلال الأيام الماضية شاهدت نموذجين لنجمين من الذين يمتلكون الموهبة، وهما يوجدان في كل مكان في العالم، في البرازيل أو إيطاليا، أو حتى هنا في الإمارات. النموذج الأول هو الهولندي سيدورف نجم ميلان، والذي ذرف الدموع غزيرة، بعد خروج فريقه من دوري أبطال أوروبا أمام توتنهام، رغم العرض البطولي الذي قدمه الفريق، وعلى وجه الخصوص سيدورف الذي كان وهو في الخامسة والثلاثين من عمره أكثر اللاعبين حيوية ونشاطاً في الملعب. قالها بحزن “هكذا بدأت وهكذا انتهيت” في إشارة ضمنية إلى نهاية مشواره مع دوري الأبطال إلى الأبد، والغريب أنه قالها بحسرة من لم يسبق له أن ذاق طعمها، رغم أنه فاز بها أربع مرات مع ثلاثة أندية مختلفة، وتبكي عيناه في الوقت الذي لا يزال فريقه متصدراً دوري بلاده وينافس بقوة على كأس إيطاليا. أما النموذج الثاني فهو البرازيلي أدريانو الذي يملك موهبة رائعة فريدة من نوعها، ومنذ ظهوره الأول كان الجميع يراهنون عليه وعلى وصوله إلى قمة النجومية، ولكنه عندما كان قريباً للغاية من أعلى مكانة بدأ يفقد التركيز والتفكير السليم وانشغل باللهو، وأهمل موهبته الكبرى لتهمله الكرة. أدريانو في كل مكان يذهب إليه يصبح مصدراً للمشاكل حتى أصبح مثل كرة النار التي تتقاذفها الأندية رغبة في التخلص من إزعاجه الدائم، وبالأمس القريب أنهى روما الإيطالي عقده مع اللاعب والذي لا يزال متبقياً منه عامان، وها هو اليوم يبحث عن نادٍ يستطيع تكبد راتبه الكبير وسلوكه الفوضوي دون جدوى، رغم أنه لا يزال في ريعان الشباب ويبلغ التاسعة والعشرين من العمر وهي سن العطاء والنضج. هناك فرق كبير بين النموذجين ولذلك سيبقى سيدورف لاعباً مثالياً وستتذكره الأجيال طويلاً بعد أن دون اسمه في صفحات التاريخ الخالدة، أما أدريانو فلن يكون له مكان في ذاكرة الكرة التي لا تقدر إلا من يقدرها ولا تخلص إلا لمن أخلص لها، والموهبة سلاح ذو حدين فقد تقود صاحبها إلى أعلى مراتب المجد إذا أخلص لها وصانها، وقد تهوي به إلى الدرك الأسفل والقاع إذا ما أساء لها ولم يقدر النعمة التي حباه الله إياها. في الختام: عزيزي النجم الإماراتي الموهوب فكر وترو قبل اتخاذ القرار، فكلا النموذجين متاح، وأنت الذي تختار. Rashed.alzaabi@admedia.ae