القرار الذي اتخذته إدارة المرور والتراخيص برأس الخيمة بعدم تخفيض رسوم المخالفات على المخالفين من السيارات الخفيفة والكبيرة للمواطنين منهم والوافدين، وبالتالي تحصيل مبلغ المخالفة بالكامل لا سيما في ظل زيادة مبالغ المخالفات في الدولة قرار من شأنه أن يساهم كثيراً في تخفيف نسبة الحوادث التي تقع على شوارع الإمارة، وأرى أن تقوم جميع إدارات المرور في الإمارات الباقية بتطبيقه فوراً، وذلك لردع المخالفين والخارجين عن قانون النظام المروري، أسوة بما يحدث في الدول المتقدمة في أوروبا وأميركا، حيث لا يمكن أن تخفض مخالفات المرور مهما كان الشخص المخالف. لكن ما يثير الاستغراب والدهشة أن إدارة المرور برأس الخيمة طبقت قرار عدم التخفيض فوراً واجتهدت وبادرت وحسمت الأمر في هذا الجانب، وتمادت وأجلت قضايا نراها سبباً مباشراً في نزيف الدم المستمر على شوارع الإمارة. كان على إدارة المرور والتراخيص برأس الخيمة قبل اتخاذ قرار عدم التخفيض أن تتخذ إجراءات أكثر للحد من الحوادث المتكررة على شوارع الإمارة والتي راح ضحيتها مئات الشباب والعائلات بسبب سوء تخطيط الطرق الخارجية والداخلية المكشوفة دون أرصفه، كان عليها أن تناقش بحزم وشدة مع المسؤولين عن الشوارع المتهالكة وغير الصالحة لمرور العربات، كان عليها أن تجد الحلول لفتحات الموت المنتشرة في كل مناطق الإمارة والسبب الرئيس في الحوادث القاتلة، لا أن تقف محصلاً لفواتير المخالفات، فالأولى خدمة الإنسان والسهر على أمنه واستقراره لا المساهمة في زيادة الأعباء عليه وسحقه تحت شعارات رنانة. لسنا مع المخالفين بطبيعة الحال ولا مع المستهترين على الطرق الذين يستحقون أقسى العقوبات والغرامات، لكننا مع الإنسان البسيط العادي الذي ينظر إلى راتبه القليل بعين الحسرة على ما آل به الزمن، فهو أمام متطلبات عائلية كثيرة وأعباء حياتية ضرورية وأمام جملة من الفواتير الشهرية.. في مواجهة راتب شهري ضعيف لا يكفي لكل هذه الالتزامات. لقد تغيرت الحياة في الإمارات بشكل متسارع، وأصبحت هناك فئة من الموظفين تصل رواتبها إلى سقفٍ عالٍ جداً لم يتوقعه أحد قبل عشر سنوات، ولكن هناك فئة تمثل الأغلبية من الموظفين ظلت رواتبها على حالها لا سيما الموظفين في الوزارات الاتحادية والدوائر المحلية والمتقاعدين الذين ساءت حالتهم المعيشية إلى الحد الذي لا يجب السكوت عنه. ونعجب من شخص حديث النعمة يقول بتكبرٍ وازدراء «يا أخي مد رجلك على قدر لحافك»، وتناسى كل معاني الطيبة والإخاء والتعاضد التي تنعم به دولتنا الحبيبة، وأسأل بوضوح وبكل تجرد من منا يملك القدرة على عدم استجابة لطلبات أسرته؟ من منا يملك القدرة على إخفاء حزنه وتأثره أمام عجزه عن تلبية متطلبات أبنائه؟ فهم لا يقبلون منك مبرراً ويعتبرون الأب المثل الأعلى القادر على تحقيق كل أمانيهم ومتطلباتهم وهؤلاء بطبيعة الحال لا يعلمون أن هناك هماً أضيف إلى كاهل الآباء، هو مخالفات المرور التي باتت تحتاج إلى ميزانية خاصة.