هذه قصص حقيقية قرأتها في كتب قيمة، ووجدتها جديرة بأن نتشارك في تأمل معانيها ودلالتها، فالحياة لاتمنحنا كنوز الحكمة دائما بشكل مكشوف لكنها تسخر لنا من حيث لا نتوقع في أحيان كثيرة، وحيثما كنا وفي كل لحظة هناك درس ومعنى يعبر آفاقنا وما علينا سوى إرهاف السمع والانصات جيدا لصوت الحكمة.
يحكى أنه في امتحان الفيزياء في جامعة كوبنهاجن بالدانمارك جاء أحد أسئلة الامتحان كالتالي: كيف تحدد ارتفاع ناطحة سحاب باستخدام الباروميتر (جهاز قياس الضغط الجوي)؟
والإجابة الصحيحة هي: بقياس الفرق بين الضغط الجوي على سطح الأرض وعلى سطح ناطحة السحاب، لكن إحدى الإجابات استفزت أستاذ الفيزياء وجعلته يقرر رسوب صاحب الإجابة بدون قراءة باقي اجاباته على اسئلة الامتحان.
الإجابة المستفزة هي: أربط الباروميتر بحبل طويل وأدلي الخيط من أعلى ناطحة السحاب حتى يمس الباروميتر الأرض، ثم أقيس طول الخيط، غضب أستاذ المادة لأن الطالب قاس له ارتفاع الناطحة بأسلوب بدائي ليس له علاقة بالباروميتر أو بالفيزياء، لكن الطالب تقدم بتظلم للجامعة مؤكدا أن إجابته صحيحة 100% وحسب قوانين الجامعة عين خبير للبت في القضية.
أفاد الخبير بأن إجابة الطالب صحيحة لكنها لا تدل على معرفته بمادة الفيزياء، فتقرر إعطاء الطالب فرصة أخرى لإثبات معرفته العلمية، ثم طرح عليه الخبير نفس السؤال شفهيا، فكر الطالب قليلا وقال “لدي إجابات كثيرة لقياس ارتفاع الناطحة ولا أدري أيها أختار؟ ثم بدأ يعدد اجاباته فقال: يمكن إلقاء الباروميتر من أعلى ناطحة السحاب على الأرض ثم يقاس الزمن الذي يستغرقه الباروميتر حتى يصل إلى الأرض، وبالتالي يمكن حساب ارتفاع الناطحة باستخدام قانون الجاذبية الأرضية.
أما اذا كانت الشمس مشرقة، فيمكن قياس طول ظل الباروميتر وطول ظل ناطحة السحاب فنعرف ارتفاع الناطحة من قانون التناسب بين الطولين وبين الظلين، أما إذا اردنا حلا سريعا يريح عقولنا، فإن أفضل طريقة لقياس ارتفاع الناطحة باستخدام الباروميتر هي أن نقول للحارس: “سأعطيك هذا الباروميتر الجديد هدية إذا قلت لي كم يبلغ ارتفاع هذه الناطحة”. ؟
أما إذا أردنا تعقيد الأمور فسنحسب ارتفاع الناطحة بواسطة الفرق بين الضغط الجوي على سطح الأرض وأعلى ناطحة السحاب باستخدام الباروميتر، وكان الحكم ينتظر الإجابة الرابعة التي تدل على فهم الطالب لمادة الفيزياء، بينما الطالب يعتقد أن الإجابة الرابعة هي أسوأ الإجابات لأنها أصعبها وأكثرها تعقيدا.
بقي أن نقول أن هذا الطالب هو “نيلز بور” وهو لم ينجح فقط في مادة الفيزياء، بل إنه الدانمركي الوحيد الذي حاز على جائزة نوبل في الفيزياء.
مئات من المعلمين والمعلمات في مدارسنا ربماتستوقفهم هذه الحكاية، لأنها ستعيد الى اذهانهم اجابات بعضها عجيب وبعضها مستفز وكثير منها يثير الضحك، فبعض الطلاب حين لا يجدون في اذهانهم اية اجابة على اسئلة الامتحان يجيبون كيفما اتفق، لكن هناك اجابات تشبه اجابة نيلز بور، لكن المعلمين والمعلمات المتخمين بالواجبات والدروس والمقررات لا يجدون اي فرصة أو دافع للاسترسال في قراءة هذا النوع من الاجابات.. يا ترى هل نتصور ان طالبا او طالبة حكمنا عليهما بالفشل والرسوب دون ان يتظلم بينما كان بامكانه او بامكانها ان تثبت انها على حق وربما كان لدينا مشروع عالم او عالمة بتقدير... نوبل ؟ من يدري؟


ayya-222@hotmail.com