مرة شاهدنا نحن العرب قائدنا يجر على طول شارع مدينته، والدبابات التي جاء بها، غادرت دونه، فأيقنّا أننا تائهون بين الوطنية والإمبريالية، فقلنا: لقد تأخرنا كثيراً، مات الزعيم، عاش الزعيم، أهلاً بالحرب الأهلية!
- ومرّة شاهدنا رئيساً يطلق عليه الرصاص أثناء خطابه للجماهير الغفيرة، فقلنا: لقد تأخرنا كثيراً، مات شهيد السلام، مات تاج الحرب والظفر!
- مرّة قادتنا الإذاعات إلى حروب تمنَّينا لو أننا لم ندخلها، فقلنا: يا ليت•• لقد تأخرنا كثيراً، فات أوان الرمي في البحر!
- ومرّة شاهدنا سيارة زل روسية، عسكرية، تصعد وأضلعها تئن على ظهر البيدر، فقلنا: لقد تأخرنا كثيراً، لن نحارب، ولن نذل!
- مرّة شاهدنا جندي الوطن يُهان، وتسبّ أمه، وتلعن أخته، فقلنا: لقد تأخرنا كثيراً، لن نحارب، والشهيد هو الوطن!
- ومرّة رأينا جندي الوطن يكافئ آخر الشهر، بمبلغ لا يتعدى وجبة سريعة فقلنا: لقد تأخرنا كثيراً، وجعنا كثيراً، فلن ندخل الحرب، ولن نحلم بالنصر!
- مرّة رأينا ضابطاً يرتشي، وضابطاً يرتخي، وضابطاً لا يستحي، فقلنا: لقد تأخرنا كثيراً، فات زمن الحرب، ولا مصير لنا إلا القهر!
- ومرّة شاهدنا حرّاس السلطة، حرّاس القلاع الكبيرة، وهم يقتاتون على فتات الخبز الحجري، وفتات الجبنة البيضاء الحجرية، فقلنا: لقد تأخرنا كثيراً، وتمادينا كثيراً، ونخشى أن تنقلب علينا الحرب، وينقلب السحر!
- مرّة قال شاعر: لا تصالح، فعدمناه، وقال مفكّر: لا للجهل، فكفّرناه، وقال مواطن: لا••، فسحقناه، فقلنا لقد تأخرنا كثيراً، فالشهيد ابن الوطن!
- ومرّة صدحنا: بالروح بالدم نفديك يا زعيم، فتأخر الزعيم كثيراً وتأخرنا نحن كثيراً، فقلنا: لا•• لن نخوض مثل هذه الحرب، ولن نقبل بالكفر!
- مرّة اجتمعنا واختلفنا، ورأبنا الصّدع، ولم نختلف، ولم نتفق، وتلاسنا، فقلنا: لقد تأخرنا كثيراً، مضى قطار الحرب، ولا تفيد العبر!
- ومرّة حاربنا•• وثلاث مرّات انهزمنا، فقلنا: لقد تأخرنا كثيراً•• كفى الله المؤمنين القتال، لا ضرورة للحرب وما تذر!
- مرّة لم نتأهل لكأس العالم، ولم تفز ملكة جمالنا بتاج العالم، ولم ترزق السيدة الأولى بوريث العالم، فقلنا: لقد تأخرنا كثيراً•• غابت شمس الحق، وخسف القمر!
- ومرّة انشغل مولانا بالعمامة، وأطنب في الحديث عن يوم القيامة، فقلنا: لقد تأخرنا كثيراً يا مولانا•• فاتت صلاة الظهر والعصر! 


amood8@yahoo.com