كيف ينظر المرء منا إلى حياته طوال أيام السنة.. هل لدى أحد منا المقدرة على التخطيط ليوم واحد تكون نسبة السعادة والفرح به أكثر من الإحباط والحزن؟.. أم أن الأيام وحدها هي التي تشكل حياة الأشخاص في زمننا هذا، فتوزع الفرح والحزن على الأشخاص حسب الصدف والمفاجآت، مما يعني أن حياة الأشخاص مرتبطة بالمفاجآت والصدف التي يتلقاها في هذه الدنيا. أقول هذا بعد المناقشة التي جمعتني بصديق لم ألتق به منذ سنوات، تحدث فيها عن معاناة الإنسان اليومية، وقال «إن صراع يوم واحد في حياة الأشخاص في هذه الأيام يساوى سنة من المشاكل والعقبات، من وجهة نظره، فالحياة، حسب رأيه، صراع والأشخاص مستغلون أنانيون تجاه بعضهم البعض». قلت: إن الإنسان من يصنع فرحه وتعاسته بيده، فالعاقل يدير أمور يومه ابتداءً من صلاة الفجر في المسجد، مرورا بترتيب أولوياته والإخلاص في عمله، وتخليص مستلزمات الأسرة، ومن ثم واجبات الصداقة، ويختتم يومه بصلاة الشفع والوتر، ثم ينام على يقين بأن الله عز وجل سيفتح له أبواب الرزق والسعادة في اليوم القادم، فلماذا أنت مكتئب محبط؟ قال: أتدري بالرغم من كم النظريات والكتب التي كتبت وتحدثت عن عوامل السعادة وأسبابها، إلا أن أغلب الذين كتبوها غير مقتنعين بها، وفي نهاية المطاف هم من نسفوها بوضع حد لحياتهم البائسة.؟ قلت إن مسألة السعادة نسبية فقد تعيش يومك تتصارع مع المشاكل والمنغصات، ثم تفاجأ بأنك في نهاية اليوم حققت شيئاً يضفي على أيامك السعادة، ويزيل كل ما عانيته على مدى ساعات يومك؟ قال: إن مشكلة واحدة، مهما كانت صغيرة، كفيلة بأن تحول يومك إلى نكد دائم، والمشكلة أن مثل هذه المشاكل لا تنتهى إطلاقاً، فما إن تخرج من واحدة حتى تلحق بالأخرى. ويبدو أنه كلما تطورت الحياة وأصبح الحصول على كل شيء فيها ميسراً زادت المشاكل؟ قلت: عندك حق. لكن عليك ألا تنظر تحت قدميك فهناك آخرون لا تمثل مشاكلك بالنسبة لهم أي شيء، وهؤلاء يعانون مرَّ المعاناة في كل تفاصيل حياتهم اليومية، ومع هذا لا يشكون مثلنا، ثم انظر للمشاكل التي كان الآباء والأجداد يعانون منها قبل نصف قرن من الآن، لتحمد الله على ما أنت فيه من نعمة. قال: نحن لم نتعود على التعامل مع مشاكل من تلك التي تقصدها. قلت: ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس. وقارن بين مشاكلك ومشاكل من هم دونك تنعم براحة البال. قال: عندك حق لكننى سأظل أعاني .