إذا آمنا أن الأسرة هي النواة الأولى لأي مجتمع فإن التركيز على بناء الأسرة والعمل على خلق واقع أسري يقوم على الوعي بأهمية العلاقة ما بين أفراد الأسرة الواحدة، فإن البداية تنشأ من علاقة الأبوين بالطفل، وما هي الأسس التي تقوم عليها التربية الأسرية.
نحن في مجتمع مفتوح وفضاء يرتفع إلى ما لا نهاية في العلاقات الاجتماعية الأمر الذي يفرض علينا الخوض في العلاقة الأسرية بتأن ووعي لما لهذا الأمر من ضرورة اجتماعية وحتمية ووجودية، فالطفل هو اللبنة الأولى لرجل المستقبل، وهو العينة التي قد تثبت النجاح أو الفشل في صناعة جيل الغد، وهنا يجب أن نعود إلى ما كنا نستهل به كلامنا عن اللغة وعلاقتها بالهوية .. اليوم، والتجارب الإنسانية تثبت لنا أن القبض على اللغة الأم بمشاعر الإحساس الوطني أمر بات لا يحتاج إلى جدل كون اللغة هي الوعاء الذي يحمل ثقافة المجتمع، وهي الصفحات التي ترسم عليها مشاعر الناس وأحاسيسهم، وهي الكتاب الذي نقرأ من خلاله ملامح وجوهنا.. فلا هوية وطنية من غير لغة تحترم حروفها الأبجدية، ولا تركيبة سكانية صحيحة سليمة معافاة من درن الاختلال إلا بلغة تحفظ التوازن النفسي، وتعيد للذات الوطنية حقوقها وثباتها ورسوخها.
إذاً التوجيهات السامية لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة الاتحاد النسائي العام بإطلاق مبادرات التنمية الأسرية إنما هي الرغبة الكامنة والإيمان الكامن بمدى الأهمية التي تعقدها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك على الدور المنوط بالأسرة وما تقوم به هذه النواة لتأصيل الروابط وتحقيق التواصل وتأكيد الثقة ما بين الأسرة والمجتمع وما بين اللغة والهوية الوطنية .. توجيهات تأتي في زمنها والحاجة ماسة إلى إنسان ينطق بلغته نطقاً سليماً بلا هنّات ولا عثرات من أجل تحقيق الذات وإثبات الوجود والحفاظ على الهوية الوطنية ومكتسباتها ومنجزاتها ذات الأهمية القصوى لإنجاح المسيرة الوطنية.
ونحن نقرأ هذه المبادرات ذات البعد القيمي الأهم أتمنى أن يقرأ معنا كل من يهمه الأمر بدءاً من هم في حقول التربية والتعليم ووزارة الشباب ثم الأوقاف والأندية الرياضية والثقافية والمؤسسات والشركات التي لا تعترف بلغتنا إلا كلغة ثانوية، أتمنى من هذه الجهات كلها أن تضع شأن اللغة والهوية الوطنية بمصاف شؤونها الخاصة وأن تتوافر وتتضافر الجهود مجتمعة لإنقاذ لغتنا التي هي متراس هويتنا من أي ضياع واندثار في غبار لغات ولهجات تهاجم الجسد من كل حدب وصوب.
أتمنى أن يستمع الجميع إلى هذه المبادرات السامية لأنها تعني حماية الوطن ورعايته والعناية به وبشأنه الوطني والذي هو عنوان بقائنا وأساس وجودنا وجوهر إنتمائنا.


marafea@emi.ae